28-مارس-2024

كتبت جيسيكا حبشي في موقع mtv:

أخطر أنواع الهجرة التي يُمكن أن تُصيب أمّة هي تلك التي تدفع بالنخب الى الاستسلام وترك أرض الوطن بحثاً عن أوطانٍ أخرى تُحترم فيها الادمغة وتقدّم لها مجالات كثيرة لتعمل وتزدهر وتتطوّر ولتحصل على ما تستحقّه من بديل ماديّ ومعنوي.

حُلم الهجرة يراود الكثير من اللبنانيّين في الاونة الاخيرة مع اشتداد الازمة الاقتصادية والمعيشية خصوصاً أصحاب الاختصاص الذين باتوا يتقاضون القليل مقابل وظائفهم وخدماتهم في لبنان، فعلت الصرخة في العديد من القطاعات التي تخسر خيرة عناصرها من أطباء وممرّضين وقضاة ومحامين ومعلّمين ومهندسين وصحافيّين وإعلاميّين وغيرهم… ولكن ماذا تقول الارقام؟ وهل زادت الازمة الاقتصاديّة في نسبة الهجرة؟
يؤكّد الباحث في “الدولية للمعلومات” محمّد شمس الدّين لموقع mtv أنّ “الارقام لا تعكس ضخامة ما يُشاع عن هجرة جماعية في مختلف القطاعات، فنسبة الاشخاص الذين هاجروا في الـ2020 بلغت 17700 شخص وهي أقلّ بكثير من الـ 2019 حيث بلغ عدد المهاجرين 66600 شخص”، كاشفاً أنّ “غالبية الذين سافروا هم في القطاع الصحي ومن حاملي جنسيات أخرى، فالهجرة غير ميسّرة كما يعتقد البعض لاسباب عدّة من بينها عدول العديد من الدول عن استقبال مواطنين من دول أخرى، وانتشار “كورونا” الذي قيّد حركة السّفر، بالاضافة الى أمر أساسي يفقده اللبنانيون في هذه الفترة يخوّلهم الاستقرار في الخارج، وهو حيازتهم على مبالغ كبيرة من الدولارات”.
وردّاً على سؤال حول تقاطع أرقام البطالة المرتفعة مع الحديث عن هجرة متزايدة، يجيب شمس الدّين: “نسب البطالة العالية تبرهن أن الهجرة لم تتزايد في الاونة الاخيرة بشكل كبير، لانّ الهجرة تمتصّ البطالة وتخفّض في أرقامها، لذا، فإن في الموضوع مبالغة”، معتبراً أننا “ذاهبون الى كارثة كبيرة في حال عدم استدراك عمق الازمة التي نحن في خضمّها، وفي ظلّ حكم طبقة سياسية فاشلة وفاسدة تعجز عن النهوض بهذا الوطن وعن الحفاظ على خيرة شبابه ومواطنيه”.

لا تزال الهجرة في لبنان حتى حينه عند الغالبية حلماً وربّما كابوساً زرعه الحكّام في نفوسنا حتّى بتنا في صراع وجودي بين تقبّل الواقع رغم مرارته، وبين التخطيط لحياة أخرى في أرض بعيدة عن لبنان، نحصل فيها على أبسط حقوق الانسان بحسب شرائع الامم، لاننا حيث نحن، أمست الحياة مستحيلة، والسؤال الذي نتبادله يوميّاً “مفكّر تبقى أو تفلّ”؟

MTV