كتب جان الفغالي في “نداء الوطن”:
كثيرون من المسؤولين اللبنانيين كانوا يتمنّون لو أنّ المونديال ما زال مستمرّاً في قطر، فـ»ديبلوماسية كرة القدم» عادت عليهِم بالنفع: زيارات، محادثات، وكلها خلف ستارة أنّهم مدعوون إلى حضور المباريات. لكن مونديال كرة القدم انتهى، حمَل ليونيل ميسي الكأس إلى الأرجنتين، فيما لم يحمل أي من «اللاعبين الرئاسيين» كأس الرئاسة إلى لبنان، ليتبيَّن أنّ «مونديال الرئاسة اللبنانية» يمتد إلى أكثر من شهر، لا بل تبدو المدة مفتوحة، وهي لا ترتبط بتصفيات الربع النهائي والنصف النهائي، بل بعملية معقَّدة تبدأ من بيروت وتمرّ في الرياض وطهران وباريس والفاتيكان، وصولاً إلى واشنطن، من دون إغفال دمشق على رغم الحرب الدائرة في سوريا منذ أحد عشر عاماً.
لم ينضج ملف الإنتخابات الرئاسية في لبنان لأنّه ليس أولوية سوى لدى اللبنانيين، أمّا العواصم التي تقرر فيه، الآنفة الذِكر، فمعظمها ليس مستعجِلاً، وكلّ عاصمة لديها أولويتها:
طهران تريد أن تعرف موقعها، خصوصاً بعد التطورات النوعية في المنطقة، تلك التي حصلت، وتلك التي ستحصل، في هذا السياق، ترصد العاصمة الإيرانية حركة رئيس الوزراء الإسرائيلي الجديد بنيامين نتنياهو تجاه الخليج، وثمة معلومات تتحدث عن زيارة سيقوم بها إلى إحدى الدول الخليجية، وموعد هذه الزيارة هذا الشهر على أبعد تقدير. الرصد الإيراني لهذه الزيارة يأتي من خلفية موقف نتنياهو من الملف النووي الإيراني.
واشنطن منهمكة بالحرب الأوكرانية، وهي أعطت «الضوء الأصفر» لباريس لمقاربة الملف اللبناني، وجاءت هذه الخطوة إثر الزيارة التي قام بها الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون للولايات المتحدة الأميركية. باريس تعرف أنّ هذه المنحة الأميركية ليست سوى جائزة ترضية، وأنّه ليس بالإمكان»تسييلها» إلّا إذا وافقت طهران، وهذه الموافقة ليست متوافرة بسبب العلاقة السيئة بين فرنسا وإيران، وقد تراجع مستوى الإهتمام الفرنسي من زيارة كانت مرتقبة للرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون للبنان، إلى زيارة لوزير دفاعه لتمضية رأس السنة مع القوة الفرنسية العاملة في قوات الطوارئ الدولية.
المملكة العربية السعودية ترفض الدخول في أي بازار رئاسي يتعلَّق بالأسماء، وهي تُحيل مَن يراجعها للعودة إلى ما ورد في المؤتمر الذي انعقد في اليونسكو لمناسبة الذكرى الثالثة والثلاثين لاتفاق الطائف، ولا سيما لجهة تطبيق ما تبقى من بنوده، ومن تحقيق الإصلاحات المطلوبة.
في المحصِّلة: إيران تريد الإتفاق النووي، إسرائيل في «عهد نتنياهو» تريد التخلّص من النووي الإيراني. وبين هذه الموقفين المتباعدَيْن، ما على لبنان، الحلقة الأضعف، سوى الإنتظار. أما إلى متى؟ فهذا ما لا يمكن لأحد أن يتكهَّن به.