06-مايو-2024

ندى عبدالرزاق – الديار

ليس فلسفة، ولا تذمرا او نفاقا او تهويلا، ولا أرقاما وهمية مبالغا فيها عن واقع الحال الذي وصل اليه الناس. بل ابعد من هذا كله، هو لسان حال الواقع الاقتصادي والحياتي والمعيشي بجزيئيات الأمور ووقائعها، بالإسهاب والشرح والتحليل، عسى ولعلّ ان يستفيق المسؤولون من غيبوبتهم، ويعوا وضع اللبنانيين الموجع والمزري على الصغار والكبار، حتى بات التوتر والاكتئاب والقلق والخوف من الغد، جزءا لا يتجزأ من يومياتهم، وصار يؤثر ف اعصابهم وقدرتهم وجلدهم على التحمّل.

اذلال المواطنين امام المستشفيات، الصيدليات، عند “الخضرجي” و “الدكنجي” واللحام، وامام محطات البنزين، وفي شراء أكثر المستلزمات ضرورة دون فائض ، لان الشراء غدا أصلا بالقطعة. حتى بات الناس ارتالا امام صندوق “السوبرماركات” يسألون عن السعر قبل الشراء، ويعيدون اصنافا أساسية لأنها تتجاوز قدرتهم على الدفع، وبعضهم يصل الى الصندوق ويطلب من المحاسب الا تتخطى فاتورته مبلغا معينا، لأنه كل ما يحمل في محفظته.

القلّة تفضح!

من المخجل والمعيب ان يقاسي الشعب، دون أدنى شعور بالمسؤولية من جانب ازلام الدولة المحصنين بودائع الشعب، وسرقة أموالهم على “عينك يا مواطن”، لا بل يعيشون حياتهم بشكل أكثر من طبيعي في قصورهم ذات البروج الشاهقة، ويتنعمون بما لذّ وطاب من المأكل والمشرب، ويتمتعون بالحياة لحظة بلحظة، والناس تتهافت على شراء بقايا طعام قد لا يصلح للحيوانات.

وفي هذا السياق، قال بسام عجاج لـ “الديار”، وهو صاحب مسلخ ومحلات لبيع الدجاج في منطقة البقاع الأوسط ، “ان أكثر من 80% من الناس يطلبون شراء “رقاب الدجاج”، وهذا الجزء كان يخصص لإطعام الكلاب والقطط، اليوم ازداد الطلب على شراء “الرقبة”، وبحسب السيدات اللواتي يشترينها، يتم طهوها مع الشوربة لإعطائها نكهة ومذاقا غنيا ليس الا، عدا ذلك ان هذا الجزء لا يحتوي على “السفينة” او لحم، بل كناية عن عظام فقط”.

الحالة ليست افضل في صيدا، فبحسب محمد وهو صاحب محل لبيع الدواجن المجمّدة، “انه بعد الازمة الاقتصادية بتنا نرى زبائن كانت أوضاعهم ميسورة ولا ينتقون الا النخبة من الفروج وصدور الدجاج، الا ان الأوضاع تبدلت اليوم مع انهيار قيمة العملة الوطنية امام سعر صرف الدولار، بحيث اضحى هؤلاء يشترون “أرجل الدجاج” و”القوانص”، وهي اجزاء كنا نرميها سابقا او يأتي من يأخذها الى حيواناته الاليفة من دون أي مقابل”.

اضاف: “نعاين الكثير من الحالات القاسية التي لم نكن نشهدها في لبنان من قبل، تخيّلوا ان هناك من يشتري العظام الرقيقة الفارغة من اللحم، فقط لتَنْكيه طعامه بها ولإضافة بعض المرق، او كما يقول لنا الأهالي “الزفرة” من اجل الأطفال الصغار”.