22-نوفمبر-2024

تمكن فريق بحثي بقيادة علماء من المركز الوطني الأميركي لأبحاث الغلاف الجوي (NCAR) من الكشف عن مستوى اختلال توازن الطاقة على الأرض، والذي يعد أهم مقياس لتحديد حجم وتأثيرات تغير المناخ في الكوكب كله.
وبحسب الدراسة التي نشرها هذا الفريق في دورية “إنفيرومنتال ريسيرش: كلايمت” Environmental Research: Climate، فقد قام الفريق البحثي بعمل مسح شامل لجميع المصادر المختلفة للحرارة الزائدة على الأرض، بين عامي 2000 و2019، ثم قارنوا ذلك بالإشعاع الحراري الموجود في الجزء العلوي من الغلاف الجوي للأرض.

حينما تتعرض الأرض في النهار لحرارة الشمس، فإنها تمتص جزءا من هذه الحرارة، ثم تطلقه مرة أخرى إلى الفضاء الخارجي في الليل، لكنها لا تطلق كل الحرارة التي امتصتها، حيث يقوم الغلاف الجوي بحبس بعضها.
ويسمى ذلك بـ “تأثير البيت الزجاجي” Green House، ومن المعروف أن غازات الاحتباس الحراري مثل ثاني أكسيد الكربون ترفع من قدرة الغلاف الجوي على حبس كم أكبر من الحرارة داخله، وبالتالي ترتفع متوسطات درجة حرارة الكوكب مع ارتفاع نسب ثاني أكسيد الكربون، وهو ما يحدث بالفعل حاليا، فمستويات هذا الغاز في الغلاف الجوي هي الأعلى منذ قرابة 800 ألف سنة.

طاقة زائدة
وبحسب الدراسة الجديدة، فقد قام الباحثون بقياس الفارق في تغيرات الطاقة بين مكونات أرضية مثل الهواء والمحيطات والأرض الصلبة والجليد، والتي تمثل في مجموعها مكونات للنظام المناخي، وقارنوها بكم الطاقة الموجودة في الجزء العلوي من الغلاف الجوي للأرض، والتي تمثل ما لفظته الأرض من حرارة إلى الفضاء.
وباستخدام تلك الطريقة، تمكن الفريق من رصد وجود خلل كبير في منظومة الطاقة على سطح الأرض بسبب كم كبير من الطاقة الزائدة، وكشفت الدراسة كذلك أن 93% من الحرارة الزائدة الناتجة عن هذا الخلل ينتهي بها المطاف في محيطات الأرض، مما يزيد من احترار المحيطات.
ولهذا السبب، بحسب بيان رسمي أصدرته منصة “آي أو بي” IOP الناشرة للدراسة في الرابع من يوليو/ تموز الجاري، فإن عام 2021 كان صاحب رقم قياسي تاريخي في ارتفاع حرارة المحيطات تم تسجيلها حول العالم.

وبحسب الدراسة، تؤثر الطاقة الزائدة على أنظمة الطقس بكل صورها وليس المحيطات فقط، حيث ترتفع شدة وتردد الظواهر الجوية المتطرفة، مثل الموجات الحارة والباردة والفيضانات والعواصف الترابية أو الرملية وموجات الأمطار الغزيرة والأعاصير وموجات الجفاف وغيرها.

أمل بحثي
لكن الأهم من ذلك كله، هو أن الدراسة أكدت أن عدم توازن طاقة الأرض يعد معيارا جوهريا لفهم التغير المناخي ككل، مما يعطي العلماء فرصة لدراسة أدق للتغير المناخي عبر معيار واحد فقط، وهو قدر اختلال الطاقة.

وبحسب الدراسة، فإن دراسة عدم اتزان الطاقة هي نطاق صعب، وتتطلب الملاحظات التي جمعها الباحثون حتى الآن تحسينات كثيرة، لكننا على الأقل على الطريق الصحيح لفهم مستقبل مناخنا الأرضي بشكل أدق، وربما يساعدنا ذلك يوما ما قبل أن نعبر من نقطة اللاعودة في خطورة التغيرات المناخية.” الجزيرة”