كتبت بولا أسطيح في “الشرق الأوسط”:
بات قائد الجيش اللبناني العماد جوزيف عون الذي سماه في هذا المنصب رئيس الجمهورية السابق ميشال عون، والذي كان محسوباً عليه خلال فترة خدمته العسكرية، هدفاً أساسياً لرئيس «التيار الوطني الحر» النائب جبران باسيل يسعى للإطاحة به سواء من خلال معركة رفض تمديد ولايته، أو من خلال سعيه لضرب أي جسر قد يسمح بوصوله رئيساً للجمهورية إلى قصر بعبدا.
فمنذ تعيينه على رأس المؤسسة العسكرية في عام 2017 حتى اليوم، مرت العلاقة بين جوزيف عون وجبران باسيل بالكثير من المطبات، علماً بأن مطلعين عن كثب على مرحلة تعيين عون أكدوا لـ«الشرق الأوسط» أن باسيل منذ البداية لم يكن يريد عون في قيادة الجيش، وكان لديه مرشح آخر للمنصب، إلا أن ميشال عون أصر على اسمه.
ويشير القيادي السابق في «التيار الوطني الحر» المحامي أنطوان نصر الله، إلى أن «عدة عوامل تؤدي لاختيار شخصية معينة لقيادة الجيش، أبرزها الموقف الأميركي، كما موقف (حزب الله)، وكان واضحاً أن الطرفين لم يمانعا الاسم الذي اقترحه ميشال عون». ويضيف لـ«الشرق الأوسط»: «جوزيف عون وقبل تعيينه قائداً للجيش تعرض خلال مسيرته العسكرية للاضطهاد كغيره من الضباط الذين كانوا محسوبين على ميشال عون، وأتى اختياره للانتقال إلى اليرزة (مقر قيادة الجيش) بمثابة مكافأة له على تضحياته، كما لأن الرئيس عون كان يحبه ويثق به».
وظل استياء باسيل من تعيين عون مضبوطاً، «إلا أنه أخذ يتنامى لرفض الأخير إطاعة أوامره»، على حد تعبير نصر الله الذي يعد أن «مشكلة باسيل لم تكن مع جوزيف عون وحده، إنما مع أي شخصية مقربة من ميشال عون كانت ترفض الامتثال لأوامره أو لطريقة التعاطي الفوقية معها».
ولطالما حاول الرئيس عون ضبط إيقاع الخلاف المتنامي بين صهره وقائد الجيش إلى أن اندلع ما يُعرف بـ«انتفاضة» 17 تشرين 2019. عندها اعتبر باسيل أن جوزيف عون انقلب على ميشال عون من خلال سماحه بإقفال الطرقات، واتهمه وقتها بالانصياع لأوامر أميركية باعتباره مقرباً جداً من واشنطن.
ويعد نصر الله أن «الجرة انكسرت بين جوزيف عون وميشال عون بعدما عمل باسيل ومقربون من الرئيس عون وقتها على إقناعه بأن قائد الجيش نفذ انقلاباً عليه لمحاصرة العهد وإضعافه وإسقاطه، علماً بأن الجيش كان يقوم بواجباته على أكمل وجه».
وقد طال هذا الصراع أيضاً وزير الدفاع إلياس بو صعب الذي تولى الوزارة في يناير (كانون الثاني) 2019؛ إذ شهدت هذه المرحلة كباشاً عنيفاً بينه وبين قائد الجيش. وهو ما لا تزال تعيشه وزارة الدفاع بين عون والوزير الحالي موريس سليم المقرب من باسيل.
ويرد مقربون من باسيل الخلافات بين جوزيف عون ورئيس التيار، كما وزراء الدفاع المتعاقبين، لكون قائد الجيش «غير متعاون ويسعى لفرض آرائه بالقوة، ولكونه يسعى لإرضاء الأميركيين للوصول لسدة رئاسة الجمهورية».
ولم يعد خافياً أن الخلاف الشخصي بين جوزيف عون وجبران باسيل أصبح يتخذ بُعداً جديداً بعد فراغ سدة الرئاسة قبل نحو عام، باعتبار أن الرجلين يُعدان مرشحين للرئاسة، ولذلك يخوض باسيل اليوم بشراسة معركة عدم تمديد ولاية قائد الجيش؛ لعلمه بأن خروجه من اليرزة يقلص حظوظه الرئاسية.
ويعد نصر الله أن «باسيل، وباستبعاد قائد الجيش رئاسياً، يعتقد أنه سيبقى يتنافس على موقع الرئاسة مع سليمان فرنجية حصراً، وأنه إذا انتهت معركة غزة إلى نوع من التعادل، فذلك يعززه حظوظه»، مضيفاً: «للأسف الموارنة في لبنان يفقدون مراكزهم ودورهم بفضل سياسة النكايات… كما أنه لأول مرة منذ 100 عام لا يكون للمسيحيين دور يلعبونه لا في الداخل ولا على مستوى المنطقة».