12-مايو-2024

كتب ألان سركيس في “نداء الوطن”:

تدخل عوامل عدّة على خط الحرب الإسرائيلية مع حركة “حماس”. وكلما طال أمد الحرب زاد خطر توسّعها وارتفعت أخطار فتح الجبهات. وتبدي «حماس» إستعدادها للتصدّي لأي اجتياح برّي واسع النطاق، بينما يجري التركيز على رصد خطوات الدول الكبرى الفاعلة وعلى رأسها الولايات المتحدة الأميركية وروسيا.

جيّشت إسرائيل أكبر دعم ممكن لحربها على غزة، وساندتها بقوة واشنطن وبقية دول الغرب، وسط الحديث عن مدّها بصواريخ نوعية من أجل ضرب البنى التحتية لـ”حماس”. ويجهد لبنان الرسمي من أجل إبعاد نار الحرب عن البلاد، لأنّ الوضع لا يحتمل أي مواجهة جديدة أو حرب مدمرة.

ويتركّز العمل الديبلوماسي على عواصم القرار، وأخذت كل من باريس وواشنطن على عاتقهما محاولة تبريد الأجواء الجنوبية ولجم أي حالة توتّر يمكن أن تقود إلى حرب.

وفي موسكو، كثّف السفير اللبناني شوقي بونصار نشاطه فالتقى عدداً من كبار المسؤولين الروس وسمع كلاماً إيجابياً منهم يتعلق بالعمل على حفظ أمن لبنان واستقراره وتقديم كل دعم مطلوب من أجل تخطي هذه المرحلة الصعبة والعمل على تهدئة الأمور وعدم إمتداد نيران الحرب إلى الجنوب وكل المناطق اللبنانية.

ولن يتطوّر هذا الحرص الروسي حيال لبنان إلى وساطة روسية بين لبنان وإسرائيل لأسباب عدّة أبرزها توتّر العلاقات الروسية – الإسرائيلية ومرورها بفترة شبه قطيعة، والسبب يعود أيضاً إلى استياء الرئيس فلاديمير بوتين من رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بسبب موقف الأخير من حرب أوكرانيا.

ويعود انزعاج بوتين إلى أنه وقف إلى جانب إسرائيل إلى أقصى الحدود وسمح لطائراتها بتنفيذ غارات على سوريا لضرب مواقع سورية وإيرانية و»حزب الله» من دون إن يعترض أحد الطائرات الإسرائيلية، وعند اندلاع الحرب الأوكرانية لم يبادر نتنياهو إلى الإتصال بصديقه بوتين طوال المرحلة الماضية، بل اتخذت إسرائيل موقفاً الى جانب الرئيس الاوكراني فولوديمير زيلينسكي.

وإذا كانت موسكو لن تقدم على أي وساطة بين إسرائيل و»حزب الله» الذي يقاتل إلى جانب الروس والسوريين والإيرانيين في سوريا بسبب إنقطاع التواصل الروسي- الإسرائيلي، إلّا أنّ مصادر ديبلوماسية مطلعة على الموقف الروسي تكشف لـ»نداء الوطن» عن ورود تنبيه روسي للمسؤولين اللبنانيين، إطلع عليه المسؤولون اللبنانيون ويأتي في سياق حرص موسكو على لبنان.

ولم يصدر التنبيه من وزارة الخارجية الروسية، بل من وزارة الدفاع الروسية لإمتلاكها تقارير ومعطيات حربية وإستخباراتية، وتفيد التقارير أن إسرائيل، إذا قرّر «حزب الله» فتح حرب على جبهة الجنوب، ستعتمد سياسة الأرض المحروقة وستدمّر لبنان، ولن يقتصر الدمار على مناطق نفوذ «حزب الله». ولن تميّز إسرائيل بين «حزب الله» والدولة اللبنانية، وهي حتى لو لم تقم بعملية برية شاملة في الجنوب، إلا أنها مصممة على تحقيق أكبر قدر من الدمار من خلال القصف الجوي الذي قد يعيد لبنان إلى العصر الحجري، فيما لا قدرة للبنان على تحمّل هذا النوع من التدمير الممنهج الذي تتبعه إسرائيل في غزة.

وترى أوساط قريبة من الروس أنّ “حزب الله” متنبّه الى هذا النوع من الخطر المحدق به وبلبنان، ويعلم القدرة التدميرية لتل أبيب، وحتى الساعة لا ترى الإدارة الروسية أي مصلحة لإفتعال حرب في جنوب لبنان، أو الذهاب إلى مواجهة غير محسوبة النتائج. ولا تكمن المخاوف الروسية على لبنان من أي عمل قد يقوم به «حزب الله»، بل هناك تلميح روسي وتخوّف من إقدام إيران على الطلب من «حزب الله» فتح جبهة الجنوب اللبناني عندها ستورّط «الحزب» ولبنان في حرب شاملة لا يمكن لأحد التكهن كيف تنتهي.

وامام كل هذه الوقائع، يبقى على المسؤولين في لبنان و”حزب الله” فهم التحذيرات الغربية والروسية جيداً والمخاوف الجدية على البلد، وذلك لتجنب حرب ليست في مصلحة أحد.