من منا لم يضع في فمه كل ما تصل إليه يداه حين كان طفلا صغيرا، ولكن ماذا نفعل عندما تلازمنا عادة مضغ الأشياء حتى سن البلوغ ونعجز عن التوقف عن ممارستها؟
يقول الكاتب إنريكي ثامورانو، في تقرير نشرته صحيفة “إلكونفيدينسيال” (elconfidencial) الإسبانية، إن مضغ الثلج الذي يتسبب عادة في تحفيز الألم المرتبط بحساسية الأسنان ربما يكون سببا أو نتيجة لأمراض مختلفة فموية وعقلية.
وذكر الكاتب أن عادة مضغ الثلج تزيد من حساسية الأسنان، فهي تتسبب الثلج في حدوث تشققات متناهية الصغر في مينا الأسنان، وذلك يجعل تناول الأطعمة الشديدة السخونة أو البرودة مؤلمًا، وهو ما أكده الدكتور ماثيو كوك أستاذ طب الأسنان في جامعة بيتسبرغ في مقال نُشر في مجلة “ساينس أليرت”.
وإذا أصبحت هذه التشققات أكبر، فإنها ستؤدي إلى تسوس الأسنان لأن تضرر مينا الأسنان يسهّل اختراق البكتيريا للطبقة اللينة من السن التي تسمى العاج. وإذا كنت ترتدي جهاز تقويم الأسنان أو لديك حشوة أسنان، فإن مضغ الثلج بكثرة سينتج عنه مزيد من الضرر لأسنانك، وبذلك قد يكون الخضوع لجراحة أكثر تقدما، مثل جراحة علاج قناة الجذر، أمرا ضروريًّا.
وإلى جانب السلوكات المكتسبة، تعزى عادة مضغ الثلج إلى اضطراب عقلي يجعل هذه العادة قهرية أو عصبية. تُعرف هذه الحالة باسم “باغوفاجيا” وهي تصنف ضمن اضطراب البيكا، وهو الميل المستمر إلى تناول أو مضغ الأشياء التي لا تعدّ طعامًا وربما الهوس بذلك.
ما علاقة فقر الدم بمضغ الثلج؟
تربط بعض الدراسات “الباغوفاجيا” بالأشخاص الذين يعانون من فقر الدم الناجم عن نقص الحديد، وخلصت دراسة نشرت في مجلة “ميديكال هايبوثيسيس” إلى أن “الأشخاص الذين لا يعانون من فقر الدم لديهم معدلات منخفضة جدًّا من الباغوفاجيا 4%، في حين أن أولئك الذين يعانون من فقر الدم لديهم معدلات أعلى بشكل ملحوظ 56%”.
وجادل العلماء بأن “مضغ الثلج يؤثر على الأوعية الدموية فيؤدي ذلك إلى زيادة تروية الدماغ”، وهذا الأمر يساعد على تخفيف الأعراض المصاحبة للمرض.
من جانبهم، أكد مؤلفو الدراسة أنه لم يكن لمضغ الثلج أي تأثير على الأشخاص الأصحاء، في حين تحسنت حالة المجموعة التي تعاني من فقر الدم. وتشير التفسيرات المحتملة إلى أن مضغ الثلج ينشّط “منعكس الغمر” الذي يضيق الأوعية المحيطية والتروية الدماغية التفضيلية، أو يؤدي إلى تنشيط الجهاز العصبي الودي فيزيد تدفق الدم إلى الدماغ.
لا يعدّ هذا السلوك خطرا ومن الشائع جدا حدوثه في مرحلة الطفولة، وببذل بعض الجهد العقلي يمكن تذكر المذاق القاسي لقلم الرصاص الذي كنت تضعه في فمك عندما كنت طفلا بسبب الملل، ومن الشائع أن يضع الأطفال مثل هذه الأشياء في أفواههم، مثل العشب أو الشعر أو حتى الورق.
وإذا استمرت هذه العادة بعد مرحلة الطفولة، فقد تكون مرتبطة بالتوحد أو اضطراب الوسواس القهري أو حتى الفصام. من جانب آخر، يتمثل السبب الأكثر منطقية لوضع أشياء غير الطعام في أفواهنا في أننا نعاني من الإجهاد، لكن تكرار هذا السلوك لمدة تزيد على شهر يستدعي استشارة طبيب مختص.
كيف تتوقف عن هذه العادة؟
إذا كنت تعاني من “الباغوفاجيا” ولا تستطيع مقاومة الرغبة في مضغ الثلج، تتمثل نصيحة كوك الأولى في مقاومة الرغبة في مضغه وتركه يذوب في فمك، ففضلا عن توفير الانتعاش التي كنت تبحث عنه، لن يضر الثلج أسنانك أو لثتك.
أما إذا كانت مشكلتك متعلقة باضطراب البيكا ولديك نزعة قهرية لمضغ جميع أنواع الأشياء غير الصحية أو التي لا تعدّ طعامًا، فمن الأفضل أن تستشير اختصاصيا.
(الجزيرة)
المصدر: أ.ف.ب – الجزيرة