30-أبريل-2024

يكافح أطفال لبنان للحصول على الغذاء والدواء والرعاية الصحية الأوّلية في بلد يغرق كلّ يوم في أزماته العقيمة، في وقت يواصل الدولار تحليقه. لم تهزّ صرخة الأطباء والمعنيين باحتواء الأزمة أفكارَ المسؤولين، ولم تؤدِّ إلى حلول معقولة ومقبولة للأسر ذات الدخل المحدود، ولم تنجح نداءات العاملين في الجمعيّات الحقوقيّة المعنيّة بالأطفال في وقف الانزلاق المدوّي والقاسي.

ويعاني لبنان من شحّ فاضح في مقوّماته الأساسيّة، فلا دواء، ولا غذاء، ولا محروقات! يعيش الأطفال في دوامة العوز والفقر، وتعكس الأرقام وحدها الواقع المخيف الذي نعيش فيه.

وأكدت الـ”يونيسف” أن “الأرقام الحديثة التي ستعلن عنها في 23 تشرين الثاني بمناسبة اليوم العالمي للطفل تُظهر زيادة سوء الحال أكثر، وأن الوضع يزداد صعوبة”.

وكشف تقييم سريع أجرته اليونيسف في نيسان 2021 أن 80% من أطفال لبنان أصبحوا أسوأ حالاً ممّا كانوا عليه في بداية العام 2020. وأتت تداعيات الأزمات المتتالية خطيرة على النظام الصحي الذي يعاني أساساً من الضائقة الاقتصادية وجائحة كورونا.

وأظهر الاستطلاع أن “30% من الأطفال لا يتلقّون الرعاية الصحيّة الأوّلية التي يحتاجون إليها. في المقابل، 76% من الأسر قالت إنّها تأثّرت بارتفاع أسعار الأدوية الهائل، فيما انخفضت نسبة استشارات طبّ الأطفال والصحّة الإنجابيّة بنسبة 15% في العام 2020 مقارنة بعام 2019″.

وقالت ممثلة الـ”يونيسف” في لبنان يوكي موكو لـ”النهار” أن “هذه السنة يعيش مئات آلالاف الأطفال في لبنان من دون أساسيات البقاء. فقد أظهر أحدث مسح أجرته يونيسف بين العائلات من جميع الجنسيات كيف تؤثر الأزمة الرهيبة على كلّ جوانب حياة الأطفال في لبنان. العديد من العائلات لا تستطيع تأمين أساسيّات البقاء على قيد الحياة لأطفالها، بما في ذلك الطعام والدواء، إذ كشفت استطلاعاتنا عن أن أكثر من 30% من الأطفال لا يتلقّون الرعاية الصحية الأولية التي يحتاجونها، وأن الزيادة في أسعار الأدوية تؤثر على جميع العائلات من دون استثناء”.

وتأضافت المسؤولة الأمميّة أننا “قمنا بتوسيع نطاق برنامجنا لمساعدة المزيد من الأطفال الضعفاء، لكن تبقى الاحتياجات هائلة، إذ يحتاج أطفال لبنان إلى اتخاذ إجراءات عاجلة من قبل المؤسّسات العامة لتأمين أساسيات العيش، وضمان رفاه ونمو كلّ طفل”.

وأرخت الأزمة الاقتصادية ثقلها على القطاع الصحيّ بشكل كبير، حتى في مجال التحصينات، حيث انخفضت نسبة تلقّي اللقاحات الروتينية بنسبة 20%. وبين التأثير الجسديّ ومخاطره وما قد يترتب عليه من تداعيات صحيّة قد تهدد حياة بعض الأطفال، يبدو أن التأثير النفسي يوازي الجسدي، إذ كشف الاستطلاع عن تأثّر نحو 600 ألف طفل نفسيّاً في المنطقة المتضرّرة من تفجير 4 آب.

ويصعب مواجهة هذا الواقع في ظلّ تفاقم الأزمات المتتالية، وكيف يمكن الحدّ من هذا الخطر إذا كان 40% من الأطفال ينتمون إلى أسر لا يعمل فيها أحد، وأن 77% منهم ينضوون في أسر لا تتلقّى أيّ مساعدة اجتماعية.

ووفق الـ”يونسيف”، يبدو أن “هذه الأرقام مقلقة جداً خصوصاً على مستقبل 2.1 مليون طفل، 64% منهم بحاجة إلى دعم سريع”. وأظهرت أيحاث الرعاية الصحية أن80% من الأهالي أعربوا عن مخاوفهم بشأن صحّة أطفالهم.

وعلى الرغم من أن الـ”يونيسف” تزوّد 100 ألف طفل وامرأة بمقوّمات الرعاية الصحيّة الأساسية فإن الأزمة الاقتصادية والاجتماعية تتطلّب جهوداً مكثّفة أكبر لتلبية متطلّبات صحيّة أكبر. ونفّذت 360.479 لقاحاً ضدّ الحصبة وشلل الأطفال، مقابل صرخة الأطباء لتأمين لقاحات للأطفال في ظلّ الشحّ الفاضح فيها.

ولا يمكن لجهود أو مؤسسة أن تسدّ الثغرات التي يواجهها المجمتع اللبناني، خصوصاً الأطفال منهم، بسبب انقطاع اللقاحات أو تعذّر دفع ثمنها، ما سيهدّد حياة كثيرين منهم.

وفي ظلّ استمرار تدهور الأوضاع، يبدو أن صحّة الأطفال وسلامتهم في خطر كبير، وأكثر من أيّ وقت مضى. لذلك، نحن بحاجة إلى تضافر الجهود لمواجهة هذا الواقع، خصوصاً بين الفئات الأكثر ضعفاً.

المصدر : النهار