22-نوفمبر-2024

كتب أنطون الفتى في وكالة “أخبار اليوم”:

بما أن دولار السوق السوداء يتّجه نحو مزيد من الصّعود، انطلاقاً من أن لا أسباب سياسية حقيقية تمنعه من ذلك، وبما أن اللّيرة اللبنانية في طريقها نحو مزيد من الهبوط، ستلعب أسعار المحروقات “المُحرَّرَة” من الدّعم، في ملاعب “الطلوع”، خلال القادم من المراحل، مع ما يعنيه ذلك من زيادة في أسعار السّلع كافّة، ومن صعوبات إضافيّة لدى شرائح كثيرة من الناس، في تأمين طعامها، وشرابها، وأدويتها…

سلوكيات استهلاكيّة
والنتيجة، هي أن حالة من “ميني” مجاعة، و”نسخة” جديدة من “أزمنة الموت”، ومن الصّعوبات، والمشاكل، تنتظرنا، مع توقّعات بانهيارات متتالية في المراحل القادمة، من ضمن “ذروة انهيار” مُتوالَدَة الى ما لا نهاية، كما يبدو.
فما هي السُّبُل الكفيلة بالصّمود في تلك الحالة؟ وماذا يُمكن لأضعف الشرائح الاجتماعية أن تفعل، على صعيد السلوكيات الاستهلاكية المُناسِبَة لهذا النوع من الأزمات.

خسائر
صحيح أن التجار يتحضّرون لـ “غرف” المزيد والمزيد من الأرباح. وصحيح أن معظمهم “يسنّ أسنانه” على ثروات هائلة، في القادم من الأيام، والأسابيع، والأشهر، إلا أن بعض السلوكيات الاستهلاكية كفيلة برفع نِسَب خسائر تلك الفئات، وبإجبارها على تخفيض الأسعار، وعلى تقليص أرباحها، وسرقاتها، ولو بحدّ أدنى.
فعلى سبيل المثال، هناك الكثير من السّلع التي تتلف، إذا لم تجد زبائن لها، خلال أيام، بالأكثر. وإذا كانت أسعارها مُلتهبة جدّاً، يُمكن للمواطن اللبناني أن يهملها، وأن يتركها على “الرّفوف”، فإما تتلف، وتُرمى، ويتكبّد التاجر خسائر لا بأس بها بسبب طمعه، أو يُجبَر على تخفيض سعرها بعد 24، أو ربما 48 ساعة من وضعها في الأسواق، إذا وجد أنها لا تحقّق نِسَب البَيْع المنشودة، في الوقت المطلوب.

سلّة تقلّصت… ولكن
لفت مصدر مُتابِع لمسار الانهيار في لبنان، الى أن “الأزمة المالية التي يمرّ بها البلد، انعكست على القدرة الشرائية للناس. فمعظم الأرقام والإحصاءات تُظهر أن اللبنانيين يركّزون على شراء الضروريات، أكثر من باقي الأمور، وأن السلّة الغذائية تقلّصت كثيراً، لدى نسبة مهمّة من الناس”.
وأشار في حديث لوكالة “أخبار اليوم” الى أن “هذه معطيات مُتزايِدَة في مجتمعنا، إلا أنها غير كافية للقول إن المواطن اللبناني وصل الى درجة من الوعي حول السلوكيات الاستهلاكية الضّرورية لقَلْب الطاولة على المُتلاعبين بالأسعار، وعلى المُستفيدين من الأزمات لتجميع الثّروات. فاللبنانيون يصرخون بوجه طبقة سياسية، يقولون إنها تمتصّ دمهم بعصاباتها المتعدّدة، والموجودة في كل الميادين والقطاعات، ويتحدّثون عن تجار يسرقونهم، ويستغلّونهم، ولكن ذلك لم يصل يوماً الى درجة التحلّي بسلوكيات استهلاكيّة تؤدي الى إقفال مزاريب السرقة”.

مستقبل البلد
وشدّد المصدر على أن “اللبنانيين يختلفون عن باقي الشعوب إجمالاً، من حيث أنهم يستقوون على بعضهم البعض، و”ينهشون” بعضهم البعض، ويزداد طمعهم وجشعهم بشكل غير طبيعي، في أوقات الأزمات، بدلاً من أن يتعاونوا، ويدفعوا الدولة الى تغيير الأوضاع الصّعبة”.
وختم: “يُقال إن الجوع كافر، وإنه المُسبِّب لارتكابات أمنية، وهو أكثر ما يُخيف البعض في هذه الأيام. وفي ظلّ الانهيار المالي والاقتصادي المستمرّ، وغياب أي خطة حقيقية للتعافي، وعَدَم ضمان أي خطة لبرنامج مع “صندوق النّقد الدولي”، وبموازاة انتقادات أو تحركات شعبية، من حين لآخر، هي سياسية أكثر ممّا أن تكون إصلاحية وتغييرية، يصعب الحديث عن مستقبل فعلي للبنان”.