22-نوفمبر-2024

كانت لافتة كلمة رئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل أمس والتي تحدّث فيها عن الإشكالات الحكومية بعد ارتفاع حدّة التوتّر بين بعبدا وعين التينة، حيث فتح النار بشكل مباشر على الصلاحيات الدستورية لرئاسة الحكومة منقلباً بوضوح فاقع على “الطائف”!
باسيل، الذي بات يحفظ عن ظهر قلب سمفونية “مظلومية” المسيحيين في النظام اللبناني، وجد مدخلاً جديداً للانقضاض على صلاحيات رئاسة الحكومة من خلال تقديم نفسه مجددا محامي الدفاع عن حقوق المسيحيين على اعتبارهم مُكبّلين سياسياً بقيود حرمانهم من الصلاحيات التي تمكّنهم من المشاركة الفعلية في الحكم! وإذ أصرّ باسيل على منح رئيس الجمهورية ميشال عون دوراً واسعاً في عملية التشكيل منتقداً كل القيادات السياسية التي تسعى، بحسب رأيه، الى تهميش هذا الدور وانتزاعه، نسي في المقابل أن أهمية هذا الموقع دستورياً تكمن في الترفع عن الصراعات السياسية والطائفية والحفاظ على النظام والوقوف بثبات على مستوى الوطن ككُل وليس على مستوى المصالح “والمحسوبيات” !مما لا شك فيه أن النائب جبران باسيل بات يُجيد سياسة الهروب الى الامام، التي لطالما تمرّس بها منذ وصوله الى السلطة، فمن نغمة “ما خلونا” الى حُجة “ما طالع بإيدنا شي” وما بينهما من عنتريات “لم يوافق” التي يرددها جمهوره لتبرير العقوبات الاميركية، يرمي اليوم سهامه النارية على صلاحيات رئاسة الحكومة من خلال اللعب على الوتر الطائفي وتأجيج العصبيات المذهبية كذريعة لتعطيل التشكيل. فهل حقاً يعطّل باسيل بهدف التمسك بالصلاحيات؟

عن أي صلاحيات يتحدث وهو الذي يعلم جيداً ان رئيس الجمهورية يتمتع، ومن خلال موقعه، بالقدرة على تعطيل التكليف والتأليف؟ ألم يقُم قبل ذلك بتأجيل الاستشارات النيابية المُلزمة؟ او يعرقل التشكيل “بالثلث الضامن والوزراء المسيحيين” والشروط التعجيزية؟

الصلاحيات محفوظة ولا تهميش للمسيحيين كما يدعي باسيل ومبدأ المناصفة قائم لكن من الواضح أنها ليست معركة صلاحيات وانما معركة حصص… أكثر من ثمانية وزراء و”يا دار ما دخلك شر”!

كل هذا الانفعال “الباسيلي” و”كليشيه” الصلاحيات لا سيما في هذه الظروف الاستثنائية يطرح تساؤلا كبيرا حول ما اذا كان رئيس التيار “الوطني الحر” يراهن على المتغيرات الاقليمية بهدف تعديل دستوري ما لتحجيم دور رئيس الحكومة.لكن وباء التعطيل الذي بات يفتك بالبلاد في ظل انشغال “الصهر” بحساباته الضيقة وإشغال الناس بالصلاحيات السياسية والحقوق المسيحية وشعارات لا تُغني ولا تثمن، يطيح بآخر أمل بإنقاذ لبنان من الانهيار ويغلق نافذة المساعي على طريق التشكيل!
لبنان 24