22-نوفمبر-2024

لم يكن تزامن جرعة الدعم التي تلقاها الرئيس سعد الحريري في آن من دار الفتوى ورؤساء الحكومات السابقين والرئيس نبيه بري محض صدفة. وهذا ما يؤكد أن الرئيس المكّلف مستمرّ في مهمته، وإن كانت شبه مستحيلة نظرًا إلى العراقيل التي توضع في طريقه. وما تلويحه بالإعتذار، وهو أمر كان واردًا قبل إجتماع دار الفتوى وما صدر عنها من مواقف واضحة، سوى لوضع الأمور في نصابها الصحيح ولإظهار “العنزة من أمّ قرون”، ولتبيان الخيط الأبيض من الخيط الأسود، ولكشف حقيقة مواقف من يقف وراء سياسة العرقلة. وهذا ما بدا جلّيًا في بيان المجلس الشرعي الإسلامي الأعلى، الذي قال كلمته ولم يمشِ.
وما زاد الرئيس الحريري قناعة في الإستمرار في محاولاته الإستيعابية وقوف الرئيس بري إلى جانبه، وقد عبّر عن ذلك عندما قال إن رئيس مجلس النواب هو الوحيد الذي بقي إلى جانبه ولم يتركه لحظة، مقابل إصرار “الإستاذ” على مبادرته “حتى النفس الأخير”، الأمر الذي أعطى إمكانية تبديد الأجواء التشاؤمية دفعًا جديدًا في إتجاه الحلحلة، شرط تجاوب النائب جبران باسيل مع ما ينقله إليه “الخليلان” من إقتراحات حلول. وفي رأي بعض المصادر أنه في حال بقي رئيس “التيار الوطني الحر”متمسّكًا بمواقفه السابقة وغير متجاوب مع ما يتمّ طرحه من حلول على أساس مبادرة الرئيس بري فإنه سيكون حينها لكل حادث حديث. وما إصرار رئيس المجلس النيابي على إنجاح مبادرته سوى التأكيد على أن المعرقلين قد ينجحون في تضليل الرأي العام لفترة محدّدة ولكنهم غير قادرين على الإستمرار في تمويه الحقائق طوال الأوقات. والدليل على هذا الإصرار أنه لم يصدر أي موقف من عين التينة يوحي بأن الرئيس بري في وارد رمي سلاحه في منتصف الطريق، وهو الذي كان يقول في كل مرّة كانت توضع العراقيل في طريق مبادراته الإنقاذية السابقة “اللهم أني بلّغت”.
ولتأكيد المؤكد جاء بيان حركة “امل” متطابقًا في الجوهر والمضمون مع بيان دار الفتوى، إذ اعتبر المكتب السياسي للحركة “أنه في اللحظة التي يحتاج فيها لبنان واللبنانيون إلى حكومة ومؤسسات فاعلة تعيد حضور الدولة كناظم وراعٍ لشؤون المواطنين، لا يزال البعض يمعن في ضرب القواعد الدستورية بمحاولة خلق أعرافٍ جديدة تمس أسس التوازنات الوطنية والمرتكزات التي أرساها إتفاق الطائف مما يعطّل قبول مهمة فيها نسف للأصول والاعراف، وتضع البلد في مواجهة مخاطر جمّة وتعطل أداء المؤسسات وتغطي بالشعارات والمزايدات الشعبوية والبيانات والتسريبات الإعلامية التي لا يمكن أن تلبي احتياجات الناس بل تسبب مزيداً من الانهيار على الصعد كلها في حين أن اللبنانيين هم بأمسّ الحاجة إلى وجود من يتحمل مسؤولية الرد على التحديات التي يواجهونها”.

على اي حال فإن الرئيس الحريري قد أعطى نفسه فرصة جديدة، ويقول البعض إنه أمهل “المعرقلين” حتى نهاية هذا الأسبوع كحدّ أقصى للصبر “الذي له حدود”. وفي المعلومات أنه قد يقدّم خلال الساعات المقبلة تشكيلة حكومية جديدة وفق الأسس التي تراعي الأصول الدستورية، فيرمي الكرة الحكومية إلى ملعب رئيس الجمهورية وفريقه السياسي، على أن تبقى الأمور مرهونة بالنيات وبخواتيمها.

لبنان 24