23-نوفمبر-2024

كتب رامح حمية في “الأخبار”:

واصل الجيش اللبناني في اليومين الماضيين عمليات الدهم لمنازل مطلوبين في منطقة بعلبك، عقب تمكّن المطلوب ع. م. زعيتر (الملقّب بـ«أبو سلّة») من الفرار، يوم الجمعة الماضي، بعد اشتباك سقط ضحيته شهيد من العسكريين وجُرح أربعة آخرون، أثناء دهم منزله في حيّ الشراونة شمال بعلبك.

مصادر أمنية أكّدت لـ«الأخبار» أن «الأوامر واضحة: العملية مستمرة حتى توقيف أبو سلة وقتَلة العسكري الشهيد». فيما شنّت قوات الجيش أمس حملة دهم واسعة لغالبية القرى التي يسكنها أفراد من عشيرة زعيتر، شملت حيَّي الشراونة والتل الأبيض في بعلبك، وبلدات عدوس وريحا والكنيسة، وصولاً إلى الكرك في البقاع الأوسط، مع تنفيذ إجراءات أمنية مشددة في كل منطقة البقاع الشمالي حتّى الحدود السورية. وعثر الجيش على معمل لتصنيع المخدرات وصادر كميات من الممنوعات والأسلحة والذخيرة وسيارات من أنواع متعددة نقلت جميعها الى ثكنة أبلح. وبعد توافر معلومات عن وجود «أبو سلّة» ومرافقيه ممّن تمكنوا من الفرار في بلدة جبعا، دهمت قوة من المغاوير البلدة حيث دارت اشتباكات تضرّرت خلالها آلية للجيش وأصيب ثلاثة عسكريين كانوا في داخلها بحروق. وأوضحت مصادر عسكرية أن الجيش «ردّ على مصادر النيران، وبعد تدخل عدد من النسوة والأهالي تراجعت القوة في انتظار وصول تعزيزات عسكرية، ما سمح للمسلحين بالفرار في اتجاه جرود السلسلة الغربية».

ورغم تعطش البقاعيين لحضور الدولة وللتخلص من عصابات السرقة والخطف والاتجار بالمخدرات، إلا أن العملية الأمنية شابتها كالعادة ممارسات مستهجنة بعد انتشار
فيديوات لعمليات جرف وتحطيم داخل المنازل التي دوهمت. المحامي أشرف الموسوي قال لـ«الأخبار» إن العمليات الأمنية التي ينفذها الجيش ضد العصابات المنظّمة «تلقى ارتياحاً لدى البقاعيين واللبنانيين، إلا أن ما تقوم به القوة المداهمة من هدم منازل ظاهرة غير مألوفة من دون المقارنة طبعاً بين جيشنا الوطني وجيش الاحتلال». ووصف تصرّفات بعض العسكريين على الأرض بأنها «مسّ بالحريات العامة والشخصية، وعلى مفوض الحكومة لدى المحكمة العسكرية فتح تحقيق لمعرفه من أعطى الإيعاز بالهدم من دون أيّ مسوّغ قانوني شرعي، إذ لا أحكام صدرت ولا قوانين تنصّ على ذلك».
من جهته، أكد مسؤول عسكري لـ«الأخبار» أن ما يتم تداوله عن هدم الجيش للمنازل «غير صحيح ويجافي الحقيقة»، و«الجرف لم يطل إلا ربعة لتجارة المخدرات خاصة بالمطلوب زعيتر كانت وكراً يشكل خطراً على أبناء الحيّ أنفسهم وعلى المنطقة بأكملها، وتشكل نقطة استقطاب لآلاف الشبان والشابات». وأكد أن قرار الهدم نفّذ بناءً على أوامر القيادة.

محافظ بعلبك – الهرمل بشير خضر، دعا إلى عدم تصوير الأمر كأنه «مشكلة بين الجيش اللبناني وأهالي بعلبك الهرمل الذين لطالما كانوا يطالبون بفرض الأمن وملاحقة المطلوبين، للعيش بسلام في منطقتهم. وخير دليل على ذلك أنّ العريف زين العابدين شمص، الذي استشهد خلال المداهمات، من أبناء بعلبك الهرمل». وأكد أن العملية الأمنية التي يقوم بها الجيش هي «ضمن الحرب على انتشار آفة المخدرات بشكل غير مسبوق في المجتمع اللبناني، وتوقيتها غير مرتبط بأي موضوع آخر، بل هو ضمن الخطة المتّبعة من الجيش الذي ينفذ العمليات وفق المعلومات والإحداثيات المتوفرة لديه، بعد المتابعة والرصد والتقصّي».
واعتراضا على بعض التدابير التي تتعرض لها البلدات ومنازل غير المطلوبين بمداهمات الجيش، زار وفد من عشائر المنطقة على رأسه الشيخ شوقي زعيتر مكتب عضو شورى حزب الله الشيخ محمد يزبك الذي اعتبر أن «ليس كل من تأذى في هذه العملية هو مجرم أو خارج عن القانون»، مطالباً الجيش بأن يأخذ دوره إلى جانب القوى الأمنية في تثبيت الأمن، «ولكن لا ينبغي التعاطي بانفعال أو بعصبية وردات فعل تجاه المواطنين الأبرياء، هذا الأمر في منتهى الخطورة». وناشد «كل المسؤولين وقائد الجيش أن يحققوا في ما جرى»، لافتاً إلى أنه «إذا وجد ضمن العشيرة مجرم، لا ينبغي أن نحمل المسؤولية لكل أبناء العشيرة». ولاحقاً بدأ الجيش تخفيف اجراءاته العملانية في الشراونة وبقية القرى، مع استمرار العملية الأمنية حتى اعتقال «أبو سلة».