كتب دانيال شمص في “الأخبار”:
تعيش الجامعة اللبنانية اليوم أزمة حقيقية من جميع النّواحي، يمكن أن تقدّم كلية الآداب والعلوم الإنسانيّة ــ الفرع الأول (الأونيسكو) نموذجاً عنها، إذ إن افتقارها إلى الخدمات الأكاديمية الأساسية يهدّد العمليّة التّعليميّة فيها، حسب ما صرّح الكثيرون من داخل الكليّة.
يتذكر الطلاب الحادثة الأخيرة التي شهدوا عليها، وهي دخولهم إلى قاعة الامتحان، التي بالكاد تسعهم، وانتظارهم المسابقات بفارغ الصبر. وعندما وصلت الأسئلة، حدث ما لم يكن متوقعاً «أوراق المسابقات لا تكفي لنصف المتقدّمين للامتحانات. تنقل إحدى الطالبات: «كنّا متوتّرين من صعوبة المادّة، لقد حضّرنا لها كثيراً لكي ننجح، لا لكي نُحرم من ورقة الأسئلة لسبب نجهله». وعندما احتجّ أحد الطلاب كانت الإجابة «إذا مش معاجبك روح اشتكي للمديرة».
يجهل الطلّاب سبب ما حدث، فأكثر من 60% منهم لم يحصلوا على المسابقات، لذا بادر أحدهم إلى محو اللوح لكي يكتب عليه الأسئلة، «لكن الحبر لم يُمح، فأتت رئيسة القسم لتقرأ الأسئلة كأننا في مسابقة إملاء لصف الأول الابتدائي». ولم يكن الحال أفضل مع أوراق الإجابات «قسّموا الكراس من 8 صفحات إلى 4 ولم يعطونا المزيد بحجة شحّ الأوراق، ونحن مجبرون على الإجابة عن أسئلة مطوّلة».
لا مقومات استمرار
يختصرُ طلابُ الفرع الوضعَ بقولهم: «لا مطابع، لا كهرباء، لا بطاقات جامعيّة، لا أمن جامعي، لا مباني… هناك فقط جامعة بالاسم». حتى المازوت نسيت الجامعة رائحته، والأوراق تُطبع «على القد»، وأحياناً بأقل من العدد المطلوب. وفي قلب هذه الأزمات يشتكي كلٌّ من الإدارة والطّلاب من مشكلة اهتراء المباني، فهي آيلة للسقوط، وقد سقط سقف أحد المباني ودمّر جزءاً من التّجهيزات والحواسيب، ما اضطرّ المديرة لنقل الطلاب إلى مبنى الإدارة لإجراء الامتحانات فيه.
شكاوى بالجملة
من الشكاوى التي يتلقّاها مجلس الفرع التأخر في إنجاز المعاملات أو الإعلان عن مواعيد استحقاقات معينة مثل الامتحانات، بالإضافة إلى سوء معاملة بعض الموظفين، «يوجد شغور وظيفي في الكلية من جهة، وسوء معاملة من بعض الموظفين من جهة ثانية. منذ مدّة تعرّضت طالبة جاءت مع والدها إلى قسمها للإساءة من موظّفة، أخذت بالصّراخ عليهما من دون أن يرتكبا أي خطأ يُذكر».
الشغور الوظيفي فرض على الطلاب المساهمة في الأعمال الإدارية، ففي كليّة ينقص فيها 13موظّفاً إدارياً، تولى مجلس الطلاب مهام متعدّدة مثل تسجيل موادّ الطلاب، كما قاموا بدور عاملي النّظافة، ونظّفوا الجامعة بقاعاتها. أكثر من ذلك، موّلوا عمليات صيانة مموّلة «أصلحنا خزانات المياه، كما قمنا بصيانة المراحيض على حسابنا، وشراء مواد التنظيف عندما نظفنا».
تتفهم مديرة الكلية شكاوى الطلاب، وتبدأ بتبرير ما حصل في قاعة الامتحان بالقول إنّ السبب هو عدم تسجيل الطلاب لموادهم أكاديمياً، وحجزها «ونحن نتوقع ذلك عادة، لكن ليس إلى حدّ أن يهمل أكثر من نصف القاعة الأمر». ورأت أن الحلّ الذي بادرت إليه رئيسة القسم بقراءة المسابقة مرضٍ ولا يستدعي تكبير الموضوع.
وتطلب المديرة من الطلاب «اعتبار الكلية منزلهم الثّاني، والعمل على الحفاظ عليها، والصبر قليلاً لأن الميزانية لا تسمح أكثر»، أمّا في ما يتعلّق بتصرّفات بعض الموظّفين غير القانونيّة وإهمالهم لواجباتهم فهي «ردّة فعل على الضغوطات التي يواجهونها»، مطالبة بدعم «الجامعة فالكلّية تتراجع يوماً عن يوم، ويجب العمل على الحفاظ على عملية التعليم فيها بشكل أو بآخر».