لم تعد عقدة الوزيرين المسيحيين العقبة الوحيدة في طريق تشكيل الحكومة، اذ يبدو ان مزيداً من العُقد بدأت تظهر لتوحي بأن المشكلة الحقيقية ليست في اختلاف وجهات النظر وإنما في انعدام نيّة التشكيل لدى الخصمين الأساسيين في الصراع الداخلي.
كل المعطيات تشير الى أن الاقتراحات التي وافق عليها النائب جبران باسيل خلال الجولة الاخيرة من المفاوضات الحكومية رفضها الرئيس المكلف سعد الحريري، ولكن حتى لو أبدى الاخير تجاوباً بشأن الوزيرين المسيحيين كان ليصطدم بعراقيل جديدة منها مسألة توزيع الحقائب، فبعد أن كان هذا الخلاف قد طوي بشكل شبه نهائي في المرحلة الماضية عاد ليدخل مجدداً في لعبة الشروط والشروط المضادة!
وبحسب المعلومات، فإن رئيس التيار “الوطني الحر” جبران باسيل عاد وأخرج من جارور المناكفات ملفّ توزيع الحقائب الوزارية وطرح العديد من الاشكاليات حوله التي تجعله، من وجهة نظره، رافضاً لتسوية كاملة في الشأن الحكومي. ولعلّ أهم العُقد التي تمسّك بها باسيل هي وزارة الطاقة، اذ انه وبعد أن عرض منذ أيام إعطاء الوزيرين المسيحيين لكل من الحزب القومي وتيار “المردة” قرّر فجأة اختلاق نزاع جديد حول حقيبة الطاقة والاعتراض على إعطائها للمردة.
وفق مصادر سياسية مطلعة، فإن باسيل يرفض رفضاً قاطعاً التضحية بوزارة الطاقة لصالح المردة، فهو، وإن لم يُعلن صراحةً تمسّكه بهذه الحقيبة، وضع “ڤيتو” على انتزاعها من قِبل المردة مقترحاً اعطاءها لتيار “المستقبل”. لكن مناورة باسيل تعود بشكل أساسي الى مقايضة الرئيس سعد الحريري بشكل غير مباشر.
يبدو أن النائب جبران باسيل يدرك جيدا ان رفضه تسليم وزارة الطاقة الى “المردة” في ظلّ تمسّك “المستقبل” بعدم إعطائها لـ”الوطني الحر” ، سيمكّنه من فتح باب التبادل مع الحريري والمساومة على توزيع باقي الحقائب وتحديداً حقيبتي العدل والداخلية، وهنا تكمن أهمية مناورة باسيل، اذ انه بذلك سيفرض على المستقبل التخلي عن احدى هاتين الوزارتين الاشكاليتين لئلا يمسك “المستقبل” بأكبر عدد من الحقائب الوازنة.
هكذا تمضي المُهل المعلنة وغير المعلنة في خلق عقد جديدة تؤكد بأن الحكومة المرتقبة لن تبصر النور قريباً لأن الاساس في النوايا والنوايا لا توحي ابدا بذلك!