22-نوفمبر-2024

لا أعتقد أن أحدًا من أهل السلطة أو المنظومة الحاكمة قرأ تقرير البنك الدولي. فلو فعلوا لما بقي واحد منهم على كرسيه. ليس لأن الشعب سيطيح بهم عاجلًا أم آجلًا، بل لأنهم “سيحسون على دمهم” من تلقاء أنفسهم ويتنحون عن المسؤولية تمامًا كما فعل الوزير شربل وهبه.

فلو قرأ هؤلاء المسؤولون هذا التقرير وما فيه من تفاصيل عن الأسباب التي أدّت إلى غرق لبنان لكانوا إنتحروا قبل أن يدفعهم الشعب إلى المصير الذي سبقهم إليه من ساهموا في خراب بلدانهم فكان مصيرهم محتومًا، أقله أنه سيقال في يوم من الأيام أنه في ايام فلان او فلان كان خراب لبنان. وهذا وحده كافٍ عندما يتذكّر اللبنانيون الرجال الكبار الذين تركوا بصماتهم الناصعة عندما عاش لبنان أيامه الذهبية.
ما جاء في هذا التقرير مخيف إلى درجة أنه صنّف أزمة لبنان الاقتصادية والمالية من بين أشدّ عشر أزمات، وربما من بين الثلاث الأسوأ منذ منتصف القرن التاسع عشر. وفي توقعاته أن إجمالي الناتج المحلي الحقيقي في لبنان، الذي يعاني من “كساد اقتصادي حاد ومزمن”، ينكمش بنحو عشرة في المئة في العام 2021
وحمّل التقرير مسؤولية ما آلت إليه الأوضاع الإقتصادية السيئة إلى الطبقة السياسية “التي تتقاعس في تنفيذ السياسات الانقاذية، في غياب سلطة تنفيذية تقوم بوظائفها كاملة”. وبعدما وصف السلام الإجتماعي بأنه “هش”، أعرب عن أله من أنه “لا تلوح في الأفق أي نقطة تحوّل واضحة”.

وأورد التقرير الذي عنوانه “لبنان يغرق: نحو أسوأ 3 أزمات عالمية”، أن “استجابة السلطات اللبنانية لهذه التحديات على صعيد السياسات العامة كانت غير كافية إلى حد كبير”. ويعود ذلك إلى أسباب عدة أبرزها “غياب توافق سياسي بشأن المبادرات الفعّالة في مجال السياسات” في مقابل “وجود توافق سياسي حول حماية نظام اقتصادي مفلس، أفاد أعداداً قليلة لفترة طويلة”.وحذر التقرير من أن تدهور الخدمات الأساسية سيكون له “آثار طويلة الأجل” بينها “الهجرة الجماعية”.
وأتي هذا التقرير بالتزامن مع تراجع سعر صرف الليرة أمام الدولار تدريجاً إلى أن فقدت أكثر من 85 في المئة من قيمتها، وبات أكثر من نصف السكان تحت خط الفقر، وارتفع معدل البطالة.

وفيما يشترط المجتمع الدولي على أهل السلطة تنفيذ إصلاحات ملحة في مقابل الحصول على دعم مالي ضروري يخرج البلاد من دوامة الانهيار، يغرق لبنان منذ انفجار المرفأ، الذي تبعته استقالة حكومة دياب، في شلل سياسي. ولم يتمكن رئيس الحكومة المكلف سعد الحريري منذ تكليفه في تشرين الأول الماضي، من إتمام مهمته، على رغم الضغوط التي تقودها فرنسا.

وبدلاً من تكثيف الجهود لتشكيل حكومة قادرة على تنفيذ الإصلاحات، لا يزال تبادل الاتهامات بالتعطيل سيد الموقف، خصوصاً بين الرئيسين عون الحريري، مع أن الوقت لا يلعب لمصلحة أي منهما، لا سياسيًا ولا شعبيًا. فالبلد الذي “يغرق”حسب وصف البنك الدولي ليس مطّوبًا باسم احد.

المصدر: لبنان 24