26-نوفمبر-2024

جاء في “المركزية”:

لم يترك الفاتيكان يوما لبنان، ولن يتركه. واضحة حركته الدبلوماسية باتجاه الشعب اللبناني دعمًا، والسلطة السياسية توبيخًا، وعواصم القرار تحفيزًا. في عقل البابا فرنسيس وقلبه، ومنذ بداية الازمة في العام 2019، تصميمٌ على عدم ترك لبنان وحيدا.

في اواخر آب الفائت، قال البابا كلاما عالي السقف في أن “لبنان في خطر داهم”، وأوفد من ثم امين سر دولة الفاتيكان، ليعلن للشعب بالفم الملآن “لستم وحدكم”.

“لستم وحدكم”، وفق ما تقول مصادر متابعة للاهتمام الفاتيكاني بلبنان لـ”المركزية”، تُرجمت على اكثر من صعيد. أول الغيث كان تحريك كل امكانات المؤسسات الدولية الكنسية والاممية لمحاولة توفير مقومات الصمود للشعب اللبناني، وثاني الغيث كان نقل ما يعانيه لبنان، من أنه عبارة عن انهيار مالي – اقتصادي – اجتماعي، الى مربّع “الخطر الوجودي على الهوية”، ووَرَد هذا في كلام البابا فرنسيس امام السلك الدبلوماسي في آذار الفائت، وهنا يجب التنبه الى ان اعلانا مماثلا، وفي مسارات الدبلوماسية الفاتيكانية، يعني ان انكبابا عميقا على فهم ان الشعب اللبناني ضحية لحكّامه، استدعى استنفارا للكرسي الرسولي في عواصم القرار. وتتقاطع معلومات لدى “المركزية”، عن ان انطلاقة هذا الانكباب العميق أتت نتيجة بحثٍ استراتيجي بين الفاتيكان وفاعلين في الفضاء العام بصمت وضعوا ما يواجهه لبنان وشعب في الماكرو جيوسياسي، بعيدا عن الاغراق في تفاصيل عوارض هذا الماكرو، وكان أن تم توافق على تشخيص، أبعد من ذاك المُتداول، ما سمح بالمبادرة المتراكمة في حثّ كنائس لبنان على اداء اكثر احترافا، كما الثبات في انهاء كل الخيارات الانتحارية، وفي صلبها ملف الاقليات واستدعاء الحمايات، خلوصا الى اندفاعة في رفض ان يكون لبنان ورقة مقايضة او مفاوضة ومساومة، على مذبح الاجندات الاقليمية والدولية.

وفي معلومات خاصة لـ”المركزية” ان اعلان البابا فرنسيس ان الاول من تموز سيكون يوم صلاة وتفكير مع قيادات الجماعات المسيحية، يأتي في هذا السياق التراكمي. ومن المرجّح ان يجمع البطاركة المعنيين، والمسؤولين ايضا عن قطاعات حيوية في المجتمع المسيحي، وذلك للتأكيد على مضامين الارشاد الرسولي رجاء جديد للبنان، وعلى رسولية العيش الواحد في مواطنة حاضنة للتنوع، وعلى وحدة الكيان اللبناني وسيادته واستقلاله، وموجب تحييده عن ازمات المنطقة والعالم، وبالتالي هو يوم العودة الى ثوابت لبنان التاريخية، والتي صنّفها المسيحيون وشركاؤهم والتزموا بها.
وتتابع المصادر ان ما سيجري في الاول من تموز سيكون بمثابة سينودس مصغّر، ما يدلّ على ان الدبلوماسية الفاتيكانية وضعت القضية اللبنانية في سلّم اولوياتها، وتواصلُها عميقٌ ودقيق وفعّال وايجابي مع عواصم القرار جميعها، وخصوصا الادارة الاميركية والاتحاد الاوروبي والامم المتحدة وجامعة الدول العربية، وما تعيينُ الدبلوماسية البولونية يوانا فرونسكا ممثلة خاصة للامين العام للامم المتحدة في لبنان سوى دلالة على رمزية معقّدة من بولونيا القديس البابا يوحنا بولس الثاني ولبنان الرسالة.

الفاتيكان وبشكل لا يقبل الجدل، يخوض معركة أخلاقية، فعسى ان يلاقيه الشعب اللبناني، تختم المصادر.