كتبت “المركزية”:
في تواصل وزاري هو الاول من نوعه منذ تسلّم حكومة حسان دياب مهامها، ومنذ اندلاع ازمة “الرمان المخدّر”، بين بيروت والرياض، زار وزير السياحة رمزي المشرفية السعودية، حيث شارك على رأس وفد من وزارة السياحة في “الاجتماع السابع والأربعين للجنة الإقليمية للشرق الأوسط بمنظمة السياحة العالمية وافتتاح المكتب الاقليمي للشرق الأوسط للمنظمة”… في كلمته في المناسبة، كانت نبرة الوزير اللبناني دبلوماسية للغاية، بحسب ما تقول مصادر سياسية مطّلعة لـ”المركزية”، وقد تعمّد بغطاء رسمي لبناني الحديث بهذه المرونة واللطافة، مواصلا جهود الدولة اللبنانية لردم الهوّة التي تباعد منذ سنوات بين الدولتين والتي اتّسعت رقعتها في شكل غير مسبوق على اثر “شحنة الرمان” وايضا في اعقاب مواقف الوزير شربل وهبي في حق المملكة منذ ايام.
المشرفية قال “هذا اللقاء الأخوي ينعقد في المملكة العربية السعودية الشقيقة، بلد الانفتاح والابتكار والتطور إضافة الى كونها بلد العادات والتقاليد العريقة التي تفتخر بها شعوبنا العربية. ولا يسعني الا ان أتوجه بخالص الامتنان والتقدير الى المملكة العربية السعودية والى الدول العربية جمعاء على وقوفهم الدائم مع لبنان وشعبه في كل الظروف والمناسبات، ما يؤكد على عمق العلاقات التاريخية بين لبنان والدول العربية الشقيقة ولاسيما المملكة، وهي علاقات متجذرة تحكمها روابط الأخوة والعروبة والاحترام المتبادل”، مضيفا، اثر كورونا و”مع بدايات إعادة إطلاق العجلة السياحية والاقتصادية، فاننا نعوّل على عودة الإخوة العرب الى ربوع لبنان للنهوض به من جديد وهو البلد الذي كان وجهة أساسية للسياحة العربية نظرا إلى علاقات الأخوة الصادقة التي تجمع بين لبنان والدول العربية الشقيقة ولما يتمتع به من موارد بشرية وعناصر جذب تاريخية وسياحية وطبيعية ومناخية”.
في موازاة الخطاب هذا المخصّص لخطب ودّ العرب والخليجيين عموما والمملكة خصوصا، تتابع المصادر، كان السفير السعودي في لبنان وليد بخاري يتحدث من بكركي، متمنيا “تغليب المصلحة الوطنية العليا في لبنان على اي مصلحة فردية تحول دون ايجاد الحلول الناجعة التي تعيد للبنان الإستقرار والامن والإزدهار”، مشددا على “دور البطريرك الراعي الضامن في الحياة اللبنانية الوطنية، المنعكس في جهوده الحثيثة لمصلحة لبنان في هذه الأوقات”. واذ شدد البطريرك الراعي على “ضرورة الحفاظ على حسن العلاقات مع المملكة”، متمنياً “اعادة النظر في القرار الذي اتخذته في ما يتعلق بتصدير المنتوجات الزراعية اللبنانية الى السعودية”، اكد بخاري انه “يتم العمل على تذليل الأسباب التي ادت الى اتخاذ هذا القرار”، آملا “أن يحصل هذا الأمر سريعا”. ولاحقا، غرد بخاري عبر حسابه على “تويتر” كاتبا “تشرفت بلقاء غبطة البطريرك اليوم حيث تتجلَّى هوية لبنان الرسالة والحكمة بضبط التوازنات بما فيه الخير الموعود للشعب اللبناني”.
الكلام السعودي حمل اذا دعما واضحا لتوجّهات بكركي، التي ترفع عاليا اليوم لواء حياد لبنان، ومطالبةً صريحة باستعجال التأليف وفق المصلحة الوطنية، اي بعيدا من الحسابات الشخصية و”غير اللبنانية”. وعليه، تتابع المصادر، يمكن القول ان الدولة اللبنانية لا تزال تركّز على معالجة الشق الامني من الازمة القائمة مع الرياض، لناحية مكافحة التهريب “تقنيا”، كما تركز على شقها الاقتصادي وما يُمكن ان تستفيد منه من الرياض “سياحيا وماليا”، الا انها لا تزال تتجاهل الشق السياسي – الاستراتيجي من القضية. فبحسب المصادر، اذا لم يصر الى تشكيل حكومة قادرة على الاصلاحات الاقتصادية من جهة والسياسية من جهة ثانية، بحيث ترمم موقع لبنان الاستراتيجي بعد ان بات جانحا نحو المحور الايراني، فإن العلاقات لن تعود الى سابق عهدها من التعاون والدعم والاخوّة بين بيروت والرياض، تختم المصادر.