05-مايو-2024

كتبت سينتيا سركيس في موقع mtv:

الأفراحُ كما الأتراح تتأثرُ وتتفاعل تبعًا للوضع الاقتصادي في البلاد. فكلّما ساءت الحال، وتراجعت المادّيات، رأينا اضمحلالا في البعض من انواعِ الاحتفالات… وقد يكونُ المشهدُ في لبنان هو التعبيرُ الأوضح عمّا سبق ذكره.

ففي السنواتِ الاخيرة، عادات كثيرة أخذت مَجدَها في لبنان، فكان البذخُ حاضرًا في كل مناسبةٍ فرحة كانت أم حزينة، إلا أن الكثيرَ تغيّر اليوم مع الانهيارِ الكبير الذي لا يوفّرُ قطاعا.

حفلات الزفاف: قد تكونُ “الأعراس” في لبنان الدليلَ الأكبرَ عن مدى الرفاهية التي يحلمُ اللبنانيُ بعيشها ولو كانت تتخطى إمكاناته، حتى تحوّلت حفلات الزفاف الضخمة إلى مشهدٍ شبهٍ اعتياديّ في أفراحنا… غير أن الأمرَ تغيّر اليوم، مع الازمةِ الاقتصادية ومع “كورونا”، فباتت النسبةُ الأكبر من الاعراس متواضعةً، تقتصرُ على الأصدقاء والعائلة المقربة.

حفلات “القربانة الأولى”: تحوّلت المناسبات الدينية في كثيرٍ من الأحيان في الفترة الماضية إلى ما يشبهُ الأعراسَ الآنف ذكرها، كوكتيلات ضخمة ومئات المدعوّين وفرق الزفة والالعاب النارية، بشكل يمكنُ القول إنه مبالغ ٌبه إلى درجة كبيرة، ما شكّل مصدرَ قلقٍ عند كثير من الأهل لعدم تمكّنهم من مجاراة “هذه الموضة”. الأكيد أن هذه الظاهرة خفّت بشكل كبير جدا، فهكذا حفلات باتت تكلّف مئاتِ الملايين اليوم، وسط الغلاء الفاحش الناتجِ عن انهيارِ الليرة.

حفلات الكشف عن جنس الجنين: أو ما يعرف بالـgender reveal… بالأزرق والزهريّ حصرا تحتفلُ العائلة التي تنتظرُ جنينا، وبمشاركة العائلة والأصدقاء، ليكتشفَ الجميعُ وبطريقةٍ طريفة إن كان الآتي صبيا أو فتاة. هذه العادة ستواظبُ عليها العائلات التي لا تزالُ قادرة ًعلى تحمّل تكاليفَ غير ضرورية، والتي تحافظُ على مستوى العيشِ السابق، أما الآخرون فسيكتشفون ما ينتظرهم كما فعلَ أسلافهم، في عيادة الطبيب.

حفلات أعياد ميلاد الأطفال: كانت مكلفةً في السابق واليوم باتت خيالية، خصوصا تلك التي ترتكزُ على شخصيةٍ كرتونية معيّنة، والتي يجب أن تجدَ كلّ ما لهُ علاقة بهذه الشخصية ليواكب الـtheme. ناهيك عن قالبِ الحلوى المتقن بالالوان والرّسمات التي تناسبُ كل ما تقدّم ذكره، والذي في السابق كان يكلّف بحدود الـ200 ألف إذا كان مؤلفا من طابقين، اما اليوم فباتَ سعرهُ يلامسُ المليونَ ليرة. ومن هذا المنطلق، باتت الأعيادُ تشكّل همّا عند غالبية الأهل، فالقدرةُ تراجعت بشكل كبير.

كلُ هذه المناسبات التي عددناها لن تختفيَ طبعا، بل ستخفّ، إذ إن بعض اللبنانيين لا يزالون قادرين على المحافظة على أسلوب عيشهم السابق… أما للغالبية الأخرى، لا كلامَ يُقال سوى “لنتعظ من كلّ ما أصابنا، فهو نتيجة خياراتنا الخاطئة، ولنحاسب كل من كان السبب في تغيير نمط حياتنا… في 15 أيار المقبل”.