كتب محمد شقير في “االشرق الأوسط“:
كشفت مصادر سياسية مواكبة لأجواء اجتماع الرؤساء ميشال عون ونبيه بري ونجيب ميقاتي أنها تجاوزت تبريد الأجواء بين عون وبري إلى البحث عن مخارج لإنهاء تعطيل جلسات مجلس الوزراء نتيجة مقاطعة الثنائي الشيعي، الذي يطالب بالأخذ بوجهة نظره من قضية التحقيق في انفجار مرفأ بيروت وتوزيع الصلاحيات بين المحقق العدلي القاضي طارق البيطار وبين المجلس النيابي احتراماً لتطبيق الدستور والقوانين.
وقالت المصادر لـ«الشرق الأوسط» إن الرؤساء الثلاثة تعاطوا مع النقاط العالقة التي تعيق استئناف جلسات مجلس الوزراء بمرونة وانفتاح، وأكدت أن ترجمة الأجواء الإيجابية التي سادت اللقاء إلى خطوات ملموسة تبقى بعهدة رئيس الجمهورية الذي أبدى كل تعاون لإيجاد المخارج للنقاط الخلافية التي كانت وراء تعليق جلسات مجلس الوزراء.
ولفتت إلى أن حظوظ معاودة الجلسات تتقدم الآن ويمكن التعويل عليها في حال التزم الرئيس عون بتسهيل التفاهم على المخارج التي تنهي التمديد لتصريف الأعمال التي اضطرت الحكومة للجوء إليها للتعويض عن تعذر انعقاد جلساتها، وقالت إن مجرد سريان التفاهم بين الرؤساء الثلاثة سيدفع باتجاه تعبيد الطريق أمام دعوة مجلس الوزراء للانعقاد في الأسبوع المقبل.
ولم تستبعد المصادر نفسها إذا استمرت الأجواء الإيجابية أن يبادر الرئيس ميقاتي إلى توجيه الدعوة لعقد الجلسة قبل أن يتوجه بعد ظهر اليوم إلى روما للقاء البابا فرنسيس غداً في الفاتيكان لما سيكون لها من مفاعيل إيجابية يراد منها توجيه رسالة إلى المجتمع الدولي بأن الحكومة ماضية بما تعهدت به لإنقاذ لبنان من الانهيار، وأن ما حصل يبقى في حدود أزمة عابرة لا بد من تجاوزها.
ومع أن المصادر تتكتم حول المخارج المطروحة لتخطي الخلاف بخصوص مسار التحقيق في انفجار المرفأ من جهة وإيجاد الحل المناسب لمبادرة وزير الإعلام جورج قرداحي لتقديم استقالته إفساحاً في المجال أمام معالجة التداعيات التي أدت إلى الأزمة في العلاقات اللبنانية – الخليجية، فإنها في المقابل تتعامل مع الأجواء التي سادت لقاء الرؤساء الثلاثة على أنها فتحت كوة في جدار الأزمة التي أدت إلى تعطيل الجلسات على أن يكون للبحث صلة بينهم ولو بالتواصل المباشر أو بالمراسلة لوضع المخارج بصيغتها النهائية.
وفي هذا السياق علمت «الشرق الأوسط» أن المخرج المطروح لتبديد ما لدى «الثنائي الشيعي» من هواجس حيال مسار التحقيق العدلي يكمن في إعادة توزيع الصلاحيات المنوطة حالياً بالقاضي البيطار احتراماً للدستور، ويقوم على حصر صلاحيته بالتحقيق مع المتهمين باستثناء من ادعى عليهم، وهم رئيس الحكومة السابق حسان دياب والوزراء السابقون والنواب الحاليون علي حسن خليل ونهاد المشنوق وغازي زعيتر، إضافة إلى الوزير السابق يوسف فنيانوس على أن يحالوا للتحقيق أمام المجلس الأعلى لمحاكمة الرؤساء والوزراء.
واعتبرت المصادر السياسية أن هذا المخرج في حال كُتب له أن يرى النور يعني أن الثنائي الشيعي سحب مطالبته بتنحية البيطار من التداول بعد أن ضمن التفاهم على مخرج يقود إلى الفصل بين الذين يحاكمون أمام المحقق العدلي وبين الآخرين الذين يحالون على المجلس الأعلى لمحاكمة الرؤساء والوزراء التزاماً بتطبيق الدستور، وقالت إن ميقاتي وإن كان لا يتدخل لدى القضاء احتراماً منه لمبدأ الفصل بين السلطات فإنه دعا في أكثر من مناسبة إلى تصويب مسار التحقيق وتحييده عن الاستنسابية تاركاً للسلطات القضائية تصحيح الخلل.
وبالنسبة إلى المخرج الذي يجري التداول فيه بخصوص استقالة قرداحي، علمت «الشرق الأوسط» من مصدر سياسي يواكب الاتصالات الجارية لتأمين خروجه اللائق من الحكومة بأن الصيغة المطروحة تأخذ بعين الاعتبار ضرورة مراعاة من أيده وتبنى موقفه وعدم إظهار هؤلاء وكأنهم تخلوا عنه، برغم أن بعضهم يعترفون في مجالسهم الضيقة بأنهم باتوا محشورين وهم في حاجة إلى مخرج لوقف تدهور العلاقات اللبنانية – الخليجية على أن يُترك له تقدير الظروف خدمة لمصلحة لبنان العليا.
ولفت المصدر السياسي أن السيناريو المطروح لمبادرة قرداحي للاستقالة يقوم على حضوره جلسة مجلس الوزراء التي يدعو لها ميقاتي على أن يُعفى من إذاعة مقرراتها ليخرج في نهايتها للإعلان عن استقالته تقديراً منه للمصلحة الوطنية، وبذلك يُحفظ له ماء الوجه ولا يشكل إحراجاً للذين وقفوا إلى جانبه.
وتبقى الإيجابية التي انتهى إليها لقاء الرؤساء الثلاثة في إطار تبريد الأجواء وتطويق الاشتباك السياسي وتحديداً بين عون وبري على أن تُترجم إلى خطوات عملية تدعو للتفاؤل باستئناف جلسات مجلس الوزراء شرط الالتزام بالوعود لوقف تعطيل الحكومة، واستبعدت المصادر تطرق الرؤساء الثلاثة إلى الطعن الذي تقدم به «تكتل لبنان القوي» أمام المجلس الدستوري والخاص بالتعديلات التي أُدخلت على قانون الانتخاب.