20-أبريل-2024

كتب عمر الراسي في “أخبار اليوم”:

طرح نائب رئيس مجلس النواب إيلي الفرزلي أن يتسلم الجيش زمام الامور من اجل وقف تحلّل المؤسسات وانهيارها من قبل من هم في السلطة وخوفه من أن ينسحب الأمر على مؤسسة الجيش… الامر الذي ادى الى بلبلة في الاوساط السياسية، لا سيما وان تنفيذ مثل هذا الطرح يقطع الطريق امام الطامحين الى رئاسة الجمهورية، كما ان اطرافا عدة تبحث في “وراثة” الرئيس ميشال عون حين تنتهي ولايته بعد نحو عام ونصف العام.

اضف الى ذلك، ان تجارب لبنان مع الحكومات العسكرية لم تكن ناجحة لا سيما آخرها حكومة العماد عون في العام 1988…

فهل اليوم وسط الظروف الراهنة والتجاذبات الاقليمية والمحلية، الجيش جاهز لتولي اي ادوار سياسية.

فقد اعتبر العميد المتقاعد الدكتور محمد رّمال ان اي حكومة، سواء اكانت عسكرية او مدنية مشروطة بتنفيذ اصلاحات معينة يوافق عليها المجتمع الدولي وبالتالي، الحكومة المدنية – سواء اكانت حكومة حسان دياب او الحكومة العتيدة التي سيشكلها الرئيس سعد الحريري- ستكون مكبلة وغير قادرة على اجراء الاصلاحات، وهناك عراقيل كثيرة امامها، كما ان نفس العقبات ستكون حاضرة امام اي حكومة عسكرية.

وفي حديث الى وكالة “أخبار اليوم”، قال رمال: حين يختلف السياسيون على الحكومة المدنية يعرفون انهم في نهاية المطاف سيكونون جزء من تركيبة سياسية معينة، ولكن المشكلة الكبيرة انهم اذا اختلفوا حول الحكومة العسكرية فان السؤال سيكون عن مدى التأثير (هذا الخلاف) على الجيش وتماسكه.

وردا على سؤال، لفت رمال الى ان البند الاول على جدول اعمال اي حكومة سيتم تأليفها هو اجراء اصلاحات يوافق عليها المجتمع الدولي تمهيدا لاقرار مساعدات او هبات او قروض، وهنا يمكن القول ان الحكومة العسكرية تعطي الثقة للمجتمع الدولي، لكنها تحتاج الى التوافق الداخلي، مع العلم ان تجارب التوافق الداخلي مع الحكومات العسكرية فاشلة، حيث نذكر انه في الربع الساعة الاخير من ولايته كلف الرئيس الاسبق امين الجميل العماد ميشال عون بتشكيل حكومة انتقالية، وكانت تتألف من خمسة اعضاء الى جانب رئيسها، ولكن في اليوم التالي من التأليف استقال ثلاثة وزراء.

وشدد رمال على ان الموضوع يتطلب بالدرجة الاولى التوافق الداخلي على تشكيل حكومة عسكرية، ثم توافق مماثل على برنامجها لتكون حكومة انتقالية ولديها مهمة محددة، وايضا صلاحيات استثنائية، ومعلوم ان السياسيين يختلفون على شروط ادنى من ذلك بكثير، اذ انهم يختلفون على حكومات يشاركون فيها، فكيف اذا لم يكونوا مشاركين؟!

وردا على سؤال، رأى رمال ان ملف تأليف الحكومة ينتظر التسوية السياسية التي تعدّ للمنطقة، والتي للأسف حتى الآن ما تزال معالمها غير واضحة وغير محددة، وتحتاج بدورها الى اتفاق اميركي ايراني على الملف النووي وعلى الملفات الاخرى.

وفي المقابل، شدد رمال على ان المطلوب من الجيش الحفاظ على الاستقرار الامني في ظل التوتر السياسي الحاصل راهنا، وختم محذرا من تحميل المؤسسة العسكرية وزر انقسام السلطة السياسية حوله وحول دوره.

الحكومات العسكرية* في لبنان:

وتشكلت في لبنان منذ ما بعد الاستقلال 3 حكومات عسكرية، كان مصريها الفشل، وفقا للاتي:

*تاريخ 18 أيلول 1952 عين الرئيس الراحل بشارة الخوري حكومة ثلاثية مؤلفة من:

– قائد الجيش اللبناني فؤاد شهاب (ماروني) رئيساً للوزارة، ووزيراً للدفاع الوطني وللداخلية .

– ناظم عكاري (سني) نائباً لرئيس مجلس الوزراء ووزيراً للخارجية وللأشغال العامة، والتربية الوطنية، البريد والبرق، والأنباء، والزراعة والصحة.

– باسيل طراد (روم أرثوذكس) وزيراً للاقتصاد الوطني والشؤون الاجتماعية والعدلية والمالية.

وفي اليوم ذاته قدم الرئيس الخوري استقالته إلى مجلس النواب.

*في العام 1975 ، وبعد تصاعد أعمال العنف واستقالة حكومة الرئيس رشيد الصلح عمد رئيس الجمهورية، سليمان فرنجية في 23 أيار إلى 1975 بعد محاولات فاشلة لتشكيل حكومة، أما برئاسة الرئيس رشيد كرامي أو الرئيس صائب سلام، عمد الى تشكيل حكومة عسكرية، وتألفت من :

– العميد أول المتقاعد نور الدين عبدالله الرفاعي (سني)، رئيساً لمجلس الوزراء وزيراً للعدل، الصحة العامة، الصناعة والنفط.

– مساعد رئيس الأركان العميد الركن موسى جرجس كنعان (روم أرثوذكس) ، نائباً لرئيس مجلس الوزراء وزيراً للإعلام ، وللتربية الوطنية والفنون الجميلة.

– قائد الجيش العماد اسكندر أسعد غانم (ماروني)، وزيراً للدفاع الوطني، وللموارد المائية والكهربائية.

– رئيس الأركان العماد سعيد حسن نصرالله (درزي)، وزيراً للداخلية وللإسكان والتعاونيات.

– العميد الركن فوزي ابراهيم الخطيب (سني)، وزيراً للاقتصاد والتجارة وللتصميم العام.

– العميد الركن فرانسوا باسيل جنادري (روم كاثوليك)، وزيراً للعمل والشؤون الاجتماعية، وللبريد والبرق والهاتف .

– العميد الركن زين الدين اسماعيل مكي (شيعي)، وزيراً للأشغال العامة والنقل، والزراعة.

– لوسيان منير دحداح (ماروني)، وهو المدني الوحيد في الحكومة، وزيراً للخارجية والمغتربين وللآثار والسياحة.

الحكومة التي اعتبرت “آخر الدواء أي الكي” جوبهت برفض سياسي عارم من كتل وتيارات سياسية مختلفة لاسيما من الرئيس صائب سلام ورشيد كرامي والعميد ريمون اده والنائب كمال جنبلاط (موقفه في آخر المقالة) بينما رحب بها كل من الرئيس كميل شمعون والشيخ بيار الجميل، لم تحدث الصدمة المطلوبة لذلك أقدمت على الاستقالة في 26 أيار أي بعد 3 أيام على تشكيلها.

*قبل انتهاء ولايته في 23 أيلول 1988، كان الرئيس أمين الجميل يأمل ويسعى حتى الأيام الأخيرة بتجديد أو تمديد ولايته لسنة أو سنتين، لكنه فشل في مسعاه فبدأ في الساعات القليلة التي تسبق انتهاء ولايته، العمل على تشكيل حكومة جديدة تقوم مقام رئيس الجمهورية لحين انتخاب رئيس جديد خصوصاً وأن الحكومة الموجودة تعتبر حكومة تصريف أعمال. وفي الربع ساعة الأخيرة من ليل 22-23 أيلول 1988 صدر المرسومان الأخيران في ولاية الرئيس أمين الجميل. المرسوم رقم 5387 بتعيين العماد ميشال عون قائد الجيش رئيساً لمجلس الوزراء. المرسوم رقم 5388 تشكيل الحكومة (مؤلفة المجلس العسكري في الجيش اللبناني) على النحو التالي:

– العماد ميشال نعيم عون (ماروني)، رئيساً لمجلس الوزراء وزيراً للدفاع الوطني وللإعلام.

– العقيد عصام نقولا أبو جمرا (روم أرثوذكس) نائباً لرئيس مجلس الوزراء ووزيراً للبريد والمواصلات السلكية واللاسلكية وللإسكان والتعاونيات وللاقتصاد والتجارة .

– العميد ادغار فؤاد معلوف (روم كاثوليك) وزيراً للمالية وللصناعة والنفط.

– اللواء محمود فؤاد طي أبو ضرغم (درزي) وزيراً للأشغال العامة والنقل والسياحة والعمل.

– العميد نبيل محمد أمين قريطم (سني) ، وزيراً للخارجية والتربية الوطنية والفنون الجميلة وللداخلية

– العقيد لطفي حيدر جابر (شيعي) وزيراً للموارد المائية والكهربائية وللزراعة والعدل.

لكن الوزراء المسلمين (أبو ضرغم، قريطم، جابر) أعلنوا استقالتهم من الحكومة فور صدور المراسيم . وفي يوم 24 أيلول تكرس الانقسام الحكومي: حكومة الرئيس سليم الحص في السرايا وحكومة عون في قصر بعبدا.

واستمر هذا الوضع قائماً حتى انتخاب الرئيس الياس الهراوي في 24 تشرين الثاني 1989.

MTV