22-نوفمبر-2024

كتب مايز عبيد في “نداء الوطن”: 

لا يبدو أنّ الدول المانحة المعنية بملف النزوح اهتمّت كثيراً لطلب لبنان، من على منبر الأمم المتحدة، بتكثيف المساعدات الدولية، باعتراف رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي. وداخلياً لا يبدو أنّ الأجواء تبشّر بإيجابية، نتيجة النزوح المستمرّ.

بالتوازي، أضحت الإشتباكات المسلّحة بين دوريات الجيش اللبناني وعناصره مع المهرّبين على الحدود الشمالية أمراً يتكرّر يومياً، وآخرها ما حصل فجر يوم الخميس الفائت عند حاجز «الرويمة»، ما أدّى إلى مقتل أحد المهرّبين (لبناني الجنسية)، عمل الجيش على نقله إلى مستشفى السلام في القبيات.

يأتي هذا الإشتباك بعد اشتباك آخر حصل قبل أيام وأودى باثنين من المهرّبين وعدد من الجرحى، في وقت أضحت فيه عمليات تهريب الأشخاص عبر الحدود البريّة الشمالية من الداخل السوري إلى لبنان مهنة رائجة يتاجر ويعمل بها كثيرون بين لبنان وسوريا، مع ازدياد تدفّق النازحين السوريين إلى الأراضي اللبنانية لأسباب اقتصادية.

عمليات التهريب تنشط في ساعات متأخّرة من الليل، إذ تتحوّل المناطق الحدودية بين لبنان وسوريا من الجهة الشمالية، وتحديداً من السهل إلى أكروم والوادي مروراً ببلدة شدرا والأراضي المحيطة، مرتعاً للمهرّبين وأنشطتهم، وتشهد إطلاق نار واسعاً في فترات الليل، إيذاناً بانطلاق العمليات من الجهتين بعد أن يكون التنسيق بين المهرّبين على الجانبين السوري واللبناني قد اكتمل وحان وقت التنفيذ.

وبنتيجة اتساع العين الأمنية لجأ المهرّبون أخيراً إلى أساليب مختلفة، كاستئجار مبانٍ للشبان المهرَّبين يوضعون فيها ليوم أو يومين قبل ترحيلهم إلى وجهتهم، سواء داخل مخيّمات النزوح في عكار والشمال أم نحو مدينة بيروت، أما من كانت وجهته السفر بالبحر فيكون استئجار البيت أقرب إلى مكان انطلاق مراكب الهجرة البحرية. ودخل الـ»توك توك» على الخط إلى جانب الدرّاجات النارية، لنقل الركاب ضمن وادي خالد، ثم إلى الأماكن الأخرى، خصوصاً أن هذه المركبات الصغيرة لا تزال بعيدة عن الشك بعكس «الفانات» التي يخضعها حاجز شدرا، وكذلك حاجز دير عمار لعمليات تفتيش وتدقيق واسعة.

في المقابل، يؤكد مصدر عسكري شمالي لـ»نداء الوطن» أنّ «عديد الجيش في فوج الحدود البرية – المولج مهمّة الدفاع عن الحدود، والذي انتقل أخيراً إلى مهمّة جديدة هي متابعة المهربين وعمليات التهريب التي لا تهدأ- لا يتناسب وحجم المهمات الملقاة على العناصر في هذه الحدود الطويلة العريضة، وأنّ استمرار هذا الوضع المقلق للجميع سيؤدّي إلى استنزاف الجيش وعناصره في ظل غياب سياسي عن إيجاد خطة طوارئ حقيقية لإنقاذ الوضع على الحدود، فهل المطلوب بالفعل إنهاك الجيش؟».

تشيح دول العالم بوجهها عن لبنان وتغضّ الطرف عمّا يجري من نزوح جديد وكأنه أمر مدبّر. وفي السياق، يلفت المصدر العسكري الشمالي إلى دخول أكثر من 300 شخص كل يوم عبر الحدود بطريقة التهريب، بعضهم يقطع آلاف الأمتار في الأراضي الزراعية الفاصلة بين وادي خالد وقرى الجوار للهروب من حاجز الجيش في شدرا»، ويؤكد أنّ الجيش «يتابع كل ذلك بعديده المحدود، وهو يسلّم الأجهزة القضائية يومياً، مهرّبين لبنانيين وأشخاصاً سوريين للتعامل معهم».

وتجدر الإشارة إلى أن أكثرية النازحين في الفترة الأخيرة هم من الفئات العمرية الشابة بين 20 و 30 سنة، ما يثير المخاوف من احتمال أن يكون هناك أبعد من مسألة نزوح اقتصادي لتأمين العمل والهروب من الواقع الإقتصادي المزري، علماً أنّ أوضاع لبنان الإقتصادية ليست بأفضل حال من أوضاع سوريا.