كتب نادر حجاز في موقع mtv:
دخل لبنان في نفق مظلم منذ تعطّلت فيه الدولة، وصارت فيه، من كل مؤسسة وإدارة، نسختان وأكثر، وترهّل فيه القضاء الى حدود “حارة كل مين إيدو إلو”. وها هي الليالي السوداء تتوالى، وربما لن تكون آخرها ليلة الكحالة.
تحوّل لبنان للأسف بكامل مساحته الى مسرح جريمة متنقل، وفي كل مرة تنتهي القصة “لا مين شاف ولا مين دري”، فلا تحقيقات توصل الى الحقيقة على قاعدة “فرفور ذنبو مغفور”.
لكن الخطر يكبر في ظل الأحداث الأمنية المتنقلة في مرحلة دقيقة من تاريخ لبنان، وأي حادث أمني هو بمثابة قنبلة موقوتة قد تفجّر كل البلد، فكيف عندما تكون شاحنة محمّلة بالسلاح ولسوء الحظ تنقلب في منطقة كالكحالة، تختصر رمزية كبيرة في وجدان شريحة واسعة من اللبنانيين، وإذ بحادث السير يصبح جنازة مخضبة بالدماء.
تكبر الهوّة بين اللبنانيين، كما الإحتمالات الأسوأ، فالأزمة تتوالد وتتوسّع ويتأكد في كل يوم أن ما يجمع أقلّ بكثير مما يفرّق، حتى بات البعض يجد بالفدرالية الحل، وإن كانت مستحيلة.
تأتي حادثة الكحالة في الزمان والمكان الخطأ، ليتقدّم السيناريو التفجيري على أنقاض صيفية لبنان التي استبشر فيها الناس خيراً بعد 3 سنوات من الأزمات والوباء والانهيارات، لنعود مجدداً الى زمن السلاح والموت المتنقّل والجرائم “على عينك يا تاجر”، وليس بكاتم صوت هذه المرة.
سئم اللبنانيون هذه الأسطوانة واجترار الأحداث والتنقل وسط الخطر، فعاصمتهم فُجّرت وكأن شيئاً لم يكن، وبقيت نيترات الأمونيوم لقيطة بلا هوية، ولا زال الموت يلاحقهم في بيوتهم وعلى الطرقات.
سئم اللبنانيون هذا القدر المشؤوم وتحوّلهم الى وقود للآخرين وصندوق بريد في لعبة المحاور، على حساب نهضة وطنهم وتطوره وبناء مستقبل أفضل لأبنائهم.
اليوم في الكحالة، وغداً في مكان آخر، فما شهد عليه كوع الكحالة قد يتكرّر في أي لحظة وفي أي مكان… فالبلد بأكمله عَ الكوع.