14-مايو-2024

كتب داني حداد في موقع mtv:

لم يفتتح الرئيس السابق ميشال عون موسم الزيارات اللبنانيّة الى دمشق، بعد عودة سوريا الى جامعة الدول العربيّة. قبل عون، زار دمشق سياسيّون لبنانيّون، من دون إعلام، ويجري التحضير لزيارة قريبة لرئيس حزبٍ لبنانيّ، قد تكون من دون إعلامٍ أيضاً.

لكنّ زيارة الرئيس السابق الذي لم يقصد دمشق ولو مرّةً واحدة في عهده، تحمل مؤشّرات مختلفة عن غيرها من الزيارات، خصوصاً في توقيتها.
هي تحصل في وقتٍ يقف الثنائي ميشال عون – جبران باسيل في مواجهة ترشيح من كان يُعتبر صديق سوريا الأول في لبنان، سليمان فرنجيّة. وهي تحصل أيضاً في فترة التباعد بينهما وبين حزب الله، وهو بلغ مرتبةً لم يبلغها منذ التوقيع على التفاهم بين الحزبيَن.
أراد عون إذاً أن يقول للرئيس بشار الأسد أنّ معارضة ترشيح فرنجيّة ليست موجّهة ضدّ سوريا، لا بل أنّ هذا الترشيح لا يخدم دمشق أبداً. وهو يقول أيضاً إنّ العلاقة المتردّية مع حزب الله متّصلة حصراً بالخيار الرئاسي، من دون أن تكون لها صلة بالموقف الاستراتيجي. فعون وباسيل، ولا نقول هنا التيّار الوطني الحر، هما في صلب محور الممانعة ويؤيّدانه، لا بل يراهنان عليه في المرحلة المقبلة.
فالخلاف مع حزب الله محصور بأمرٍ واحد يُدعى سليمان فرنجيّة، ومتى تراجع “الحزب” عن هذا الخيار لن يعود هناك مشكلة. لا بل أنّ باسيل على استعدادٍ للجلوس في حارة حريك للتفاوض على اسم الرئيس المقبل، وإعادة المياه الى مجاريها. وما يُحكى، خصوصاً “قوّاتيّاً”، عن نجاح في دفع باسيل الى كسر الجرّة مع حزب الله غير دقيق، لأنّ رئيس “التيّار” حاضر لوصل ما انقطع فور التراجع عن دعم فرنجيّة.
ولكن، لا بدّ من الإشارة الى أنّ الرئيس بشار الأسد، الذي يصرّ لدى استقباله شخصيّات لبنانيّة على التطرّق مطوّلاً الى الشأن الإقليمي في قراءة له من النافذة السوريّة، أظهر لضيفه أمس عدم اهتمامه بالشأن اللبناني الداخلي، مؤكّداً أنّه لم ولن يتدخّل في الاستحقاق الرئاسي، حتى ولو كان الهدف دعم صديقه سليمان فرنجيّة. علماً أنّ هذا الموقف سبق أن أعلنه أمام فرنجيّة الذي زاره في النصف الأول من شهر نيسان الماضي وخرج من دون ذخيرة دعم علنيّة من الأسد.

النتيجة الأوّليّة لزيارة الرئيس عون الى دمشق هي إذاً تأكيد انتمائه الى المحور، من دون أن يعكّر هذا الانتماء رفض فرنجيّة أو التوتّر مع حزب الله. وهي زيارة قد تمهّد لرؤية باسيل في قصر المهاجرين في الفترة المقبلة. لكنّ من يعرف دمشق في هذه الأيّام يدرك أنّ لرئيسها هموماً أخرى بعيدة عن “البوانتاج” الرئاسي وتطيير النصاب.