23-نوفمبر-2024

كتب محمد دهشة في “نداء الوطن”: 

لم تُخمد «ثورة» الحريق الذي اندلع منذ أيام في كميّات كبيرة من النفايات المتراكمة بالقرب من معمل المعالجة الحديث في منطقة سينيق جنوب صيدا. وقد أثار هذا الحريق موجة من الغضب والاستياء السّياسي والشعبي بعدما نفث الدّخان الأبيض والرَّوائح الكريهة، ما أثار تساؤلات حول ما إذا كان مُفتعلاً أمّ حادثاً عرضياً.

وتحديد الإجابة على هذه التساؤلات التي شغلت بال الصيداويين، سيكون من خلال تقرير يعدُّه خبراء متخصصّون في غضون يومين. إذ علمت «نداء الوطن» أنَّ وزارة البيئة قررت إرسال لجنة مختصة اليوم لإجراء مسح وإعداد تقرير حول أسباب اندلاع الحريق وتحديد ما إذا كان مفتعلاً للتخلص من النفايات المتراكمة أم كان حادثًا عرضياً. وقد كشف الحريق حقائق صادمة:

– الأولى: تأكيد وجود جبل من النفايات والعوادم بمحاذاة المعمل بات من الصعب إزالته، ليعيد تكرار تجربة الجبل السابق الذي ربض على رئة المدينة البحرية على مدى عقود وتحوَّل مشكلة بيئية وصحية لعقود، ضارباً بعرض الحائط معادلة التخلص من النفايات بعد إنشاء أول معمل حديث للمعالجة والذي تفاخرت بأنها باتت مدينة «صفر نفايات».

– الثانية: يظهر واقع المعمل أنه مغلق أو يعمل بطاقة أقل بسبب صلاحية المعدات والآلات الموجودة فيه، أو بسبب عجز المسؤولين عن إدارته بشكل فعال نظراً للأزمة الاقتصادية وتأثيرها على الإنتاج ورواتب الموظفين وتكرار الإضرابات والإغلاقات السابقة. وتزداد المشكلة بتراكم النفايات في الشوارع والأحياء والأزقة بسبب تعثر الشركة المتعهدة في رفعها ونقلها بسبب عدم تسديد مستحقاتها المالية.

– الثالثة: يظهر الحريق ضعف إمكانات فرق الإطفاء في التعامل مع حرائق كهذه، على الرغم من استعداد العناصر وجهوزيتهم، حيث يتطلب إطفاؤه استخدام الردميات والتراب بدلاً من الماء، نظراً لاشتعال غاز الميثان في باطنها وانبعاث الدخان الأبيض جراء إخماد اللهب جزئياً دون إطفائه بالكامل، واستمرار الدخان في الانبعاث مع الروائح الكريهة، وينطفئ أحياناً قبل أن يشتعل من جديد.

على أرض الميدان، واجهت فرق الإطفاء صعوبة بالغة في الوصول إلى موقع الحريق في الجهة الغربية – بحراً، واستخدمت الشاحنات لنقل الردميات ووضعها فوق مكان الحريق في محاولة لإخماده كلّياً بعدما أدى انبعاث الدخان الأبيض الكثيف إلى انعدام الرؤية في بعض شوارع المدينة. واضطرت بعض المدارس لصرف طلابها إلى منازلهم مبكراً تجنباً لتنشق الروائح الكريهة، مثل ثانوية القلعة والمدرسة العمانية. واضطر آخرون إلى ارتداء الكمامات مرة أخرى، تزامناً مع أجواء خماسينية ورياح سريعة وارتفاع درجات الحرارة والرطوبة.