18-مايو-2024

جويل بو يونس – الديار

فيما لا يزال الجميع يتخبط بالمواقف الغامضة التي تركها وراءه السفير السعودي وليد البخاري، في ما خص موقف المملكة المحايد بالملف الرئاسي اللبناني، لاسيما بعد ترداده الرسالة نفسها في مختلف لقاءاته مع المعنيين، ومفادها ان السعودية تعتبر المسألة شأنا سياديا لبنانيا، وهي لا تضع اي «فيتو» على اية شخصية، كما أنها لا تدعم شخصا معينا، برزت الى الواجهة من جديد معطيات تفيد بعودة التداول باسم قائد الجيش جوزاف عون بقوة في الاروقة الخارجية، كأحد أبرز المرشحين الجديين لرئاسة الجمهورية.

فبعدما كانت «الديار» قد ذكرت بان قطر ومن خلال موفدها الذي زار بيروت اخيرا، بعيدا عن الاعلام هذه المرة ، عادت لتسوّق لقائد الجيش، نقلت أوساط موثوقة بان الحراك القطري يبدو منسقا مع السعودية كما مع الولايات المتحدة الاميركية. وتروي الاوساط بانه خلافا لكل ما قيل بان أميركا تقف على الحياد بالملف الرئاسي اللبناني، وهي لا تدعم كما لا تضع «فيتو» على اي شخص، فالولايات المتحدة تدعم ضمنا وصول العماد عون الى سدة الرئاسة ، وتشير الاوساط الى أن ما بدأ يتظهّر هو أن القطري يتحرك، ويسوّق لجوزاف عون بطلب من أميركا كما السعودية، اللتين تحاولان إظهار موقف محايد في العلن.

وفي السياق نفسه، تكشف مصادر مطلعة على جو بعض الزيارات التي قام بها البخاري لمختلف الفرقاء، انه عاد واكد على وجوب ان يتفق اللبنانيون في ما بينهم على رئيس سريعا وان المملكة تبارك من يتفقون عليه.

وفي هذا الاطار، اشار مصدر مطلع على جو لقاء البخاري مع «تكتل الاعتدال» الى أن السفير السعودي اكد ردا على سؤال أحد النواب، بأن المملكة تريد أن تبني علاقة جيدة مع كل اللبنانيين، ولم يعد لدينا حساسية على اي فريق في لبنان. فسأله عندها النائب : حتى مع حزب الله؟ ليأتي ردّ البخاري على قاعدة : حتى حزب الله!

وفيما خرج غالبيىة نواب «تكتل الاعتدال» بعد لقائهم البخاري بانطباع بان «الفيتو» السعودي رُفع عن رئيس «تيار المردة» سليمان فرنجية وتحول» لعدم ممانعة»، ما يعزز حظوظ فرنجية، اكدت مصادر معارضة لانتخاب فرنجية، بان موقف البخاري وبالتالي المملكة لم يتبدل، وأن شيئا لم يتغير لجهة المواصفات التي ترفضها السعودية. واكملت المصادر بأن حظوظ فرنجية تراجعت، بعدما أيقن الثنائي الشيعي باستحالة تبديل موقف «التيار الوطني الحر» كما موقف رئيس الحزب «التقدمي الاشتراكي» الذي رمى الكرة بملعب رئيس «اللقاء الديموقراطي» تيمور جنبلاط من عين التينة، الحليفة التاريخية للمختارة ، ما فسره كثر بأن هذه الرسالة أراد من خلالها جنبلاط تفادي إحراج عدم السير بفرنجية، باعتبار ان تيمور يفضل دما جديدا، ولا يحبّذ وصول فرنجية الى سدة الرئاسة.

وعلمت «الديار» من مصادر موثوقة ،أن جنبلاط طلب من جميع النواب والقياديين عدم التداول والتطرق لموضوع الاستحقاق الرئاسي عبر الاعلام ، نظرا للتخبط الحاصل، وكون ان لا شيء جديدا يستحق الكشف عنه.

وفيما لفتت دعوة رئيس مجلس النواب نبيه بري وتشديده على وجوب انتخاب رئيس بمهلة اقصاها 15 حزيران، علقت مصادر في المعارضة على كلام بري بالقول: إن دعوته تندرج في إطار ممارسة سياسة الضغط على الجميع ، لاسيما للتهويل عبر مرشحهم سليمان فرنجية. وتجزم المصادر بان لا جديد حتى الساعة، وبانه لا بد من انتظار نتائج قمة الرياض في 19 الحالي. علما ان المصادر لم تستبعد حصول خرق ما يترجم قبل تموز، وهي تنطلق مما يسمعه المعنيون من مختلف الديبلوماسيين، وعلى رأسهم السعودي والفرنسي وكذلك الاميركي، والذين يبدون أكثر إصرارا من أي وقت مضى على انجاز الاستحقاق اللبناني بأسرع وقت ممكن.

بالانتظار، ووسط شبه استحالة وصول فرنجية بلا أصوات إحدى الكتل المسيحية الاساسية، تتوجه الانظار لما قد يتخذه فرنجية من مواقف، ولما قد يفعله الثنائي الشيعي وسط بروز التداول بأسماء أخرى كقائد الجيش وجهاد ازعور وزياد بارود، اضافة الى صلاح حنين. علما ان بعض هذه الاسماء لا يزال يحظى بـ «فيتو» اما مسيحي واما شيعي.

على اي حال ، فالجميع يترقب الاسابيع المقبلة، علّها تحمل جديدا ما يكسر الجمود الرئاسي، والمرتبط حكما بالفراغ الذي قد ينجم بعد انتهاء ولاية حاكم مصرف لبنان رياض سلامة في حاكمية «المركزي» . فبعدما كانت اسهم كميل ابو سليمان قد ارتفعت لخلافة سلامة، يبدو أن الامور عادت وتعقدت في الساعات الاخيرة، ما فُسّر بكلام واضح صدر امس عن بري ومفاده «أننا لا نقبل اختيار حاكم للمركزي من دون أن تكون لرئيس الجمهورية الكلمة الفصل». ما يعني حكما ان لا تعيين لحاكم جديد للمركزي قبل حصول الاستحقاق الرئاسي.

هل يتصاعد الدخان الابيض في حزيران ؟ او ان الفراغ بسدة حاكمية «المركزي» سيملأه أحد نواب الحاكم، ومن بينهم إما الدرزي بشير يقظان او الارمني، بعد طلب بري من منصوري عدم القبول باستلام المهمة، فيما لو آلت الامور باتجاهه؟