كتب نادر حجاز في موقع mtv:
سجّل رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط موقفاً حاداً في ملف النازحين السوريين، مغرّداً وحيداً خارج السرب اللبناني العام الداعي لإعادتهم الى بلادهم، طارحاً بموقفه الأسئلة حول الضمانات المتوفرة لحفظ أمن وسلامة العائدين من أبناء الشعب السوري. هو خاطب الجميع من الداعين لإعادة النازحين حول مدى قدرتهم على ضمان أمنهم، سائلاً بشكل أساس عمّا إذا كان الرئيس السوري يريد أصلاً إعادتهم.
وإذا كان موقف جنبلاط أثار الاستغراب لدى بعض الأوساط حول سببه، في حين يلتقي خطاب القوى السياسية المتناقضة على أن الوقت حان لإنهاء النزوح، فإن التدقيق الفعلي في خلفياته يؤكد أنه ينبثق بالدرجة الأولى من التزامه بحق الشعب السوري حتى ولو عاد العرب الى دمشق. فالموقف المبدئي لن تبدّله المتغيّرات الأخيرة والتي لن تلفح رياحها على ما يبدو المختارة.
إلا أن هذا الموقف المبدئي ليس وحده خلف تصريحات جنبلاط والبيانات الصادرة عن الاشتراكي عن خط قضية النازحين، اذ ترفع مصادر الاشتراكي اللهجة بالقول إن “المسؤولين الذين يتبارون في رمي كل القبائح الحاصلة في البلد على كاهل ملف النزوح، إنما يحاولون بذلك إخفاء فضائح سوء الإدارة والسياسات الخاطئة والفساد والهدر والصفقات والسمسرات التي أوصلت لبنان واللبنانيين الى ما هم فيه من انهيار، ويحاولون إلصاق ذلك كلّه بالنازحين، وهنا الكذبة الكبيرة”.
وتقول مصادر الاشتراكي لموقع mtv إن “مختلف ادارات ووزارات الدولة اللبنانية، كما الكثير من البلديات، تلقت المنح والهبات والمساعدات على حجة استضافة لبنان للنازحين السوريين، لكن سوء الادارة نفسه أدى الى تضييع هذه الأموال بدل استفادة اللبنانيين المستحقين منها، وهذا يطرح السؤال عن حقيقة ما تلقته الدولة جراء ملف النزوح السوري، وقيمة المبالغ والأرقام، وكيف صرفت، وبعض التقديرات تشير إلى انها لا تقل عمّا يتلقاه النازحون السوريون أنفسهم”.
وإذا كانت البلاد تمرّ بظروف استثنائية والانهيار لم يُبقِ على أي قطاع متعافٍ، وبالتالي حان الوقت لتخفيف عبء النزوح عن كاهل لبنان، فإن مصادر الاشتراكي لا تنفي قناعتها بذلك على قاعدة أن “الأزمة لن تنتهي بذهاب النازحين، بل بذهاب الفساد وعدم الإصلاح، وستبقى الأزمة طالما بقي المسؤولون مستنكفون عن القيام بالاصلاحات المطلوبة”. وذكّرت بأن أزمة الكهرباء على سبيل المثال سابقة بكثير لملف النزوح، ولم تكن بأفضل حال وانهارت بعد النزوح، وتضيف “كفى كذباً على الناس وتحريضاً ودفعاً بالبلد نحو الانفجار، ويجب الاعتراف بواقع الأمور ووقف المزايدات الشعبوية”.
أما ما يقال عن منافسة السوريين لليد العاملة اللبنانية، فترى فيها المصادر تضخيماً مبالغاً فيه، و”كذبة كبيرة”، اذ أنّ الكثير من أهالي القرى والمناطق يدركون حقيقة هذا الأمر، حيث يرفض الكثير من اللبنانيين، رغم الأزمة المالية، القيام ببعض الأعمال التي يزاولها العمال السوريون في البناء والزراعة وغيرها من القطاعات، وهذه حاجة تاريخية في لبنان للعمالة السورية بجب الاعتراف بها. أما في باقي المصالح فليكن الاحتكام لقانون العمل ولتقم مؤسسات الدولة بدورها بدل التهرب من المسؤولية.
لكن هل سيبقى النازحون في لبنان الى الأبد؟ تجيب المصادر: “طبعاً لا. لكن على الدولة اللبنانية أن توحّد خطتها وأن تذهب الى اجتماع بروكسل برؤية واحدة وتحصل على ضمانات تحفظ فيها أمن النازحين العائدين، وحينها لن يكون هناك من حجة للرفض، على أمل أن يتمكن الأطراف المعنيون محليا ودوليا من اقناع بشار الأسد بقبول عودة النازحين، فهو السبب الاول والاخير لبقائهم خارج سوريا”.