كتب أكرم حمدان في “نداء الوطن”:
كما الشغور الرئاسي والخلاف المستحكم بين الكتل والأطراف المسيحية الأساسية، يُعطّل هذا المسار، يترنّح المشهد السياسي اللبناني اليوم أيضاً بين موقفي الحزبين المسيحيين الأكبر “القوات اللبنانية” و”التيارالوطني الحر” وتحديداً بين موقفي رئيسي الحزبين سمير جعجع وجبران باسيل، سيما بعد اللهجة والنبرة الحادة التي خاطب فيها كل من البطريرك بشارة الراعي والمطران الياس عودة النواب، والتي وصلت حدّ إتّهامهم بخيانة الأمانة نتيجة تخلفهم عن إنتخاب رئيس الجمهورية والإستعداد للمشاركة في جلسة التمديد أو التأجيل للإنتخابات البلدية والإختيارية المقررة اليوم.
المشهد الأكثر غرابة، والذي ربما يصل إلى السوريالية أو الدراما أو كل أصناف الفنون التمثيلية، هو أنّ الجميع يتّهم الجميع بالمسؤولية بدون أن نعرف حقيقة من هو المسؤول.
فالحكومة ورئيسها نجيب ميقاتي، سارع إلى إدراج بند تمويل الإنتخابات البلدية والإختيارية، على جدول أعمال الجلسة المقررة أيضاً اليوم، بينما يكون مجلس النواب قد حسم الموقف في فترة قبل الظهر واتّخذ قرار التمديد لهذه المجالس لمدة سنة ولو أنّ التوجّه العام سيترك المجال للحكومة بأن تقوم بهذه المهمّة (أي الإنتخابات) عندما تستطيع ذلك خلال هذه المهلة.
في المقابل، سيتأمّن نصاب الجلسة التشريعية وميثاقيّتها من خلال مشاركة نواب تكتل “لبنان القوي” وكتل أخرى مثل “اللقاء الديموقراطي” و”الإعتدال الوطني”، إنطلاقاً من مواقف مبدئية لهذه الكتل تؤكد على أهمية وضرورة عدم تعطيل عمل المؤسسات الدستورية.
ورغم محاولات القول إنّ تعديلا ما قد يطرأ على موقف “التيار الوطني الحر” ورئيسه النائب جبران باسيل من المشاركة في الجلسة، إلا أنّ مصادر التيار أكدت لـ”نداء الوطن” ألاّ تغيير بالموقف من المشاركة.
كذلك فإن التغريدة التي نشرها باسيل تؤكّد المشاركة حيث تساءل فيها: “إذا قاطعنا الجلسة، شو بيعملوا بالفراغ البلدي والإختياري، القوات والميقاتي ووزير داخليته والمرجعيات، لمّا بعد ما في تسجيل لأي ترشيح؟! أسهل شي مقاطعة الجلسة والمشاركة بحفلة الكذب. شو رأيكم؟”.
ولم ينجح رئيس حزب “القوات اللبنانية” سمير جعجع، الذي أعلن عدم مشاركة تكتل “الجمهورية القوية” في الجلسة، في إقناع كتلتي “اللقاء الديمقراطي” و”الإعتدال الوطني”، وغيرهما من الكتل والنواب المستقلّين بـ”عدم الوقوع في شرك كتل الممانعة والتيار، والإمتناع أيضاً عن المشاركة في الجلسة”.
ولفت إلى أن “الجلسة ستكون غير دستورية باعتبار أنّ مجلس النواب هيئة إنتخابية، وفي حال حصل التمديد فإنّ التكتّل سيطعن قانوناً ودستورياً به”.
وأوضح أنّ “مشاركة “القوات اللبنانية” بين العامين 2014 و2016 تحت إطار تشريع الضرورة، كانت غلطاً لن نكرّره”.
وفي السياق، أعلن عضو “اللقاء الديمقراطي” النائب بلال عبدالله أن “نواب اللقاء سيشاركون في الجلسة وفي أي جلسة تشريعية إنطلاقاً من موقف مبدئي يرفض تعطيل عمل المؤسسات الدستورية”.
وقال لـ”نداء الوطن”: “نحن مع إنعقاد هذه الجلسة وأي جلسة تشريعية أخرى مع تأكيدنا على ضرورة الإسراع في إنتخاب رئيس جمهورية، ولكنّنا لسنا مع تعطيل بقية المؤسسات في حال تعطّلت مؤسسة رئاسة الجمهورية أو أي مؤسسة أخرى”.
من جهته، أمين سر تكتل “الإعتدال الوطني” النائب السابق هادي حبيش قال لـ”نداء الوطن”: “إن الجلسات التشريعية هي جلسات دستورية وليست سياسية ومنطق عدم إنتخاب رئيس جمهورية يعني تعطيل بقية المؤسسات، هو منطق غير سليم، لأنه ربما يأتي يوم وتتعطّل مؤسسة مجلس النواب أو مجلس الوزراء، فهل هذا يعني تعطيل رئاسة الجمهورية؟”
وتابع: “في فترات سابقة تمّت مناقشة هذا الأمر، وكنّا متفقين في قوى 14 آذار على هذا الموقف الدستوري، ومقتنعين بأن المجلس النيابي يستطيع التشريع في أي وقت، فليس هناك ما يُسمى بتشريع الضرورة، إنّما هناك تشريع لأنّ الدستور قائم على مبدأ فصل السلطات وتعاونها، وبالتالي المشاركة في هذه الجلسة، هي مشاركة دستورية وليست سياسية لمصلحة هذا الفريق أو ذاك، وكنت أتمنّى لو تمّت مناقشة هذا الأمر بين بعض الكتل والقوى لتوحيد الموقف”.
في المحصّلة، الجلسة قائمة بنصابها وميثاقيتها رغم مقاطعة بعض الكتل والنواب، والتمديد للبلديات والمختارين مرجّح لسنة والنقاش والجدال السياسي سيستمر بانتظار التسوية الكبرى لرئاسة الجمهورية.