كتب طوني فرنسيس في “نداء الوطن”:
لم تعد المشكلة في اسم الرئيس منذ زمن طويل. فغالبية الأسماء المطروحة لها وزنها ودورها في محيطها ومجتمعها وأحياناً في إختصاصها وقدراتها. وفي لبنان لا علاقات مقطوعة بين السياسيين. تجمعهم المناسبات الاجتماعية على كثرتها وتنوعها وربما الهوايات من شتى الأنواع. حتى الحروب والصراعات الداخلية لم تمنعهم من الالتقاء والمصافحة والمسامحة، وأحياناً كثيرة المشاركة في الحكومات جنباً إلى جنب، وفي لجان المجلس النيابي واحداً إلى جانب الآخر.
لم تمنع الخلافات بين القوى السياسية في السلطة من إقتسام جبنة الحكم ومغانمه على مدى سنوات وعقود مع تفاوت في الحصص والمكاسب، وسارت الأمور على ما يُرام وضمن الآليات التقليدية للإثارة الضرورية من حين إلى آخر، كسباً لشعبية أو تعزيزاً لموقع طائفي.
هذا الاطمئنان إلى سير طريقة إدارة النظام انتهى مذ أدّت الطريقة إلى انهيار الدولة وفقدانها دورها لمصلحة قوة سياسية طائفية مسلحة لها امتداداتها وزبائنها، تحمل مشروعها الخاص المحلي والاقليمي، تبرره وتقاتل من أجله وتربي أجيالاً على الإيمان به والموت في سبيله. وانتهى هذا الأسلوب منذ أن وعى جمهور اللبنانيين إلى الطريق المسدود الذي يقوده إليه الحاكمون بأمرهم، فتحركوا في مناسبات عدة ثم انخرطوا في انتفاضة تشرين الوطنية الجامعة ضد نظام المحاصصة والفساد والسرقة، ولم يمنعهم من إكمال حركتهم سوى إشهار قوى السلطة الطائفية سلاح القمع والتخوين والترهيب في وجههم.
لا يمكن تصوّر انتخاب رئيس خارج معادلة تقديمه أجوبة على مسألتين مترابطتين: كيف ينظر إلى الدولة كأداة وحيدة للسلطة والقرار لا ينازعها فيهما طرف أو حزب أو طائفة؟ وكيف سيجيب على الانهيار الاقتصادي والمالي والإجتماعي المتمادي، وأحد أسبابه الأساسية الاعتداء على صلاحية الدولة ومؤسساتها وقدرتها على اتخاذ القرار ورسم السياسات الداخلية والخارجية؟
لن يكون انتخاب رئيس ضمن هذه الشروط عمليةً سهلة وموازين القوى النيابية على ما هي عليه، لكن الباب مفتوح وقد حان الوقت لاجتيازه نحو تحديد صريح لما يريده المرشحون من ترشحهم، بعدما عرفنا ما يريده الداعمون مقابل دعمهم.