كتبت رينه أبي نادر في موقع mtv:
التّعليم ومُستقبل أولادنا في خطر، وهذا ما يبدو واضحاً من خلال التّخبّط الذي يعيشه أساتذة التّعليم الرّسميّ، فمنهم من قرّر العودة إلى المدارس واستئناف التّعليم، بعد إضراب لأشهر عدّة، ومنهم من قرّر الاستمرار بالإضراب حتّى تحقيق مطالبهم. وداخل هذه “المعمعة”، يدفع التّلامذة ثمن أزمة لم يتسبّبوا بها، وباتوا ضحايا تقصير الدّولة تجاههم وتجاه أساتذتهم.
وفي ظلّ ما يجري، تُعبّر “اليونيسف” عن قلقها البالغ إزاء إغلاق المدارس، وتُجدّد دقّ ناقوس الخطر بشأن أزمة التّعليم في لبنان.
وتشير، في معلومات لموقع mtv، إلى أنّ أكثر من نصف مليون طفل وشابّ وشابّة متضرّرون اليوم من إغلاق المدارس الرّسميّة، بما في ذلك مدارس ومعاهد التّعليم والتّدريب المهنيّ والتّقنيّ، لافتةً إلى أنّ التّلامذة الملتحقين بالمدارس الرّسميّة يعانون من انقطاعٍ في تعليمهم، للسّنة الرّابعة على التّوالي، ممّا يؤثّر سلبًا على مستويات التّعليم في لبنان، كما يتسبّب أيضاً بأضرار كبيرة لرفاه الأطفال وسلامتهم العقليّة والجسديّة، فعندما تغلق المدارس، تزداد معدّلات زواج الأطفال، والاعتداء والاستغلال الجنسيّ، وعمل الأطفال.
وتؤكّد “اليونيسف”، مع المجتمع الدوليّ، دعمها الطّويل الأمد لقطاع التّعليم، من أجل ضمان حصول جميع الأطفال في لبنان على حقّهم، وتُجدّد دعوة جميع أصحاب الشّأن، إلى العمل معًا لضمان عودة جميع التلامذة إلى المدرسة وعدم انقطاع التّعليم مرّة أخرى
كيف تعلّق “اليونيسف” على المبادرات الفرديّة التي يقوم بها بعض الأهالي للتّعويض عمّا يخسره أولادهم بسبب الإضرابات المتتالية؟
في هذا السّياق، تُعرب “اليونيسف” عن تفهّمها لشعور الأهالي بالإحباط والخوف على مستقبل أولادهم، وتحيّي الجهود التي يبذلونها مع الأساتذة الذين يشعرون بالالتزام تجاه تلامذتهم، لمساعدتهم على مواصلة التّعلّم، خصوصاً خلال هذه الأوقات الصّعبة التي يمرّ بها لبنان. لكن رغم ما سبق، يبقى من الضّروريّ والملحّ، وفق “اليونيسف”، أن تجد الحكومة اللّبنانيّة حلًّا طويل الأجل لأزمة التّعليم، وأن تتّخذ خطوات لدعم المعلّمين بدخل يحفظ كرامتهم حتّى يتمكّن جميع الأولاد من الحصول على تعليم جيّد وآمن وشامل ومستمرّ وغير متقطّع.
وتُحذّر “اليونيسف”، ما لم يُعَد فتح مُختلف المدارس في أسرع وقت، من الآثار الفوريّة والطّويلة الأمد لهذا الأمر على تعلّم الأطفال وحمايتهم وازدهارهم، فتُصبح مستعصية على الحلّ، ممّا سيعيق بدوره آفاق التّعافي المُستدام في المستقبل من الأزمة الاقتصاديّة الحاليّة.فالانقطاع عن التّعليم له تأثير مدمّر على مستقبل ورفاه الأطفال والشّباب وأسرهم من جهة، وعلى ازدهار لبنان من جهة أخرى. وتشير دراسة أوّلية للبنك الدّوليّ إلى أنّ خسارة سنة دراسيّة ستُترجم إلى خسائر في الاقتصاد اللّبنانيّ تصل إلى ما بين 400 و500 مليون دولار أميركيّ طوال الحياة العمليّة المستقبليّة للطّلاب المنقطعين عن الدّراسة.
ويكشف أحدث تقويم سريع أجرته “اليونيسف” في آب 2022، أنّ 38 في المئة من الأسر خفضت نفقاتها على التّعليم، مقارنةً بـ 26 في المئة في نيسان 2021؛ وعليه، نحن نشهد عددًا متزايدًا من العائلات التي لم تعد قادرة على تحمّل التّكاليف المرتبطة بالتّعليم، بما في ذلك كلفة النّقل من وإلى المدرسة، وتأمين الغذاء والكتب المدرسيّة والقرطاسيّة والملابس اللازمة لإرسال أطفالهم إلى المدرسة، وفق “اليونيسف”.
إذاً، على الدّولة أن تتحرّك وتجدَ حلاً سريعاً لمشكلة التّعليم في لبنان، فالأزمة الحالية تُهدّد مُستقبل جيلٍ بكامله، ما سيؤدّي بلا شكّ، خلال السّنوات المُقبلة، إلى انهيار اجتماعيّ واقتصاديّ إضافيّ، وحينها، لن ينفع النّدم.