كتب طوني كرم في “نداء الوطن”:
تمّر الإنتخابات البلدية والإختياريّة بمخاضٍ عسيرٍ مذ تزامنها مع الإنتخابات النيابية التي جرت في العام المنصرم، والتي بدّاها المشترع على غيرها من الإستحقاقات، دافعاً بالاستحقاق البلدي إلى التمديد حتى 31 أيار من العام الجاري. ليصطدم هذا الإستحقاق مجدداً بتخبّطٍ سياسي ومؤسساتي ناجم عن شغور سدّة الرئاسة الأولى منذ 31 تشرين الأول، وتحوّل المجلس النيابي إلى هيئة ناخبة تتضارب المواقف حول دستورية التئامه وإقرار التشريعات المطلوبة للمحافظة على الإنتظام العام في البلد.
وفي هذا الخصوص، وعلى الرغم من التطمينات التي يدأب وزير الداخلية بسام مولوي على تردادها حول السير قدماً في إجراء هذا الإستحقاق بعد أسابيع، وتوجهه إلى دعوة الهيئات الناخبة مع بداية شهر نيسان المقبل، تجتمع اليوم لجنة الدفاع الوطني والداخلية والبلديات برئاسة النائب جهاد الصمد مع الوزراء المعنيين بإجراء هذا الإستحقاق، وهم: الداخليّة والبلديات القاضي بسام مولوي، والعدل القاضي هنري الخوري، والماليّة يوسف الخليل ما من شأنه أن يساهم في تقديم تصور واضح يسقط الغموض المحيط بهذا الإستحقاق بعدما وضع وزير الماليّة المعنيين قبل أسابيع، بواقع إحتياطي الموازنة الذي لا يتيح له تمويل إجراء هذا الإستحقاق قبل العودة إلى مجلس النواب لتأمين الإعتمادات الماليّة المطلوبة.
وإن كان فتح الإعتمادات يتطلب جلسة تشريعيّة، فإنّ تأجيل هذا الإستحقاق أيضاً يتطلب العودة إلى المجلس أيضاً وإصدار قانون لتأجيل هذا الإستحقاق الدستوري للمرة الثانية على التوالي. ما يضع القوى السياسيّة أمام تحدٍ جديد يجنّب ما تبقى من سلطات منتخبة الفراغ ونقل المهام الملقاة على عاتقها إلى القائمقام أو المحافظ، أي بشكل أو بآخر إلى وصاية وزير الداخلية. ولتفادي هذا الإجراء، تنشط الإتصالات لتأمين الإعتمادات المطلوبة من دول الإتحاد الأوروبي والجهات المانحة التي تشدد على أهمية إحترام الإستحقاقات الدستورية والديمقراطية وإجرائها في موعدها.
وإلى جانب التحديات المالية، تنتظر اللجنة من وزير العدل وضعها في الشقّ المرتبط بعمل القضاة، بعد أن تنامى إلى البعض وجود امتعاضٍ لديهم يحول دون ترؤسهم لجان القيد ما يؤدي حكماً إلى نسف إمكانية إجراء هذا الإستحقاق. وفي هذا الإطار، علمت «نداء الوطن» أنّ وزارة العدل بصدد إبلاغ المعنيين بعدم وجود أي تحديات تعيق مواكبتهم الإنتخابات، وأن لجان القيد التي أشرفت على إجراء الإنتخابات النيابية في أيار من العام الماضي تستطيع مواكبة هذا الإستحقاق، فيما لم تتبلغ الوزارة من القضاة أي رفض للمشاركة في الأعمال الإدارية للانتخابات.
في الغضون، يدخل إضراب موظفي الإدارة العامة والأساتذة في التعليم الرسمي في صلب التحديات التي قد تحول دون إجراء الإنتخابات البلدية والإختيارية في موعدها. على مشارف إنتهاء العام الدراسي، فإن المخاطر المرافقة لإجراء الإمتحانات الرسمية في موعدها تتفاقم بعد دخول إضراب الأساتذة شهره الثالث، ما قد يرتدّ حكماً على إمكانية وزير الداخلية الإستعانة بهم للمشاركة في الشق الإداري للعملية الإنتخابية، قبل إيجاد الحلول الكفيلة بعودتهم عن الإضراب المفتوح… عناوين على الرغم من تشعبها، إلّا أنها تتطلب إرادة سياسيّة من أجل الإلتزام بحلها وتأمين اجراء الإنتخابات في موعدها. ووفق المتابعين، فإن إرادة بعض القوى السياسيّة تكمن في التعويل على هذه الذرائع للإطاحة بهذا الإستحقاق وتجنّب الغوص في معارك محليّة وتحالفات سياسيّة قد ترتدّ سلباً عليها على المستوى الوطني والرئاسي بشكل أدق.
وإلى جانب الإنتخابات البلدية والإختيارية، لا يغيب تعليق اصدار رخص السوق وتسجيل السيارات الناجم عن إقفال وتعطيل مصلحة تسجيل السيارات والآليات (النافعة) عن المجتمعين.