كتبت كريستال النوّار في موقع mtv:
في كارثةٍ صحيّة واقتصاديّة، بدأ عددٌ من شركات الأدوية العالميّة ينسحب من لبنان. ورغم أنّ هذا الواقع ليس مُستجدًّا إلا أنّه يتفاقم لدرجةٍ بات يشمل شركاتٍ كبيرة.
وتُفيد معلومات موقع mtv أنّ مضاداً حيويًّا معروفاً بتأثيره القويّ، وشائع الإستخدام للأطفال، مقطوعٌ من الأسواق اليوم، والسّبب يعود إلى إقفال مكاتب الشّركة في لبنان. وفي ظلّ هذا الواقع، يلجأ الأطبّاء إلى وصف بديلٍ عنه أقلّ فعاليّة ممّا يتطلّب زيادة الجرعة للحصول على النّتيجة الطبيّة المطلوبة.
ويُضيف المصدر أنّ هناك أدوية كثيرة متوفّرة في الأسواق وهي مُهرّبة من تركيا وغيرها، يتبيّن أنّ بعضها غير فعّال.. “بتعطي الولد من الدواء، بس كأن ما عطيتو شي!”، لافتاً إلى أنّ من هذه الأدوية، دواء يُستخدم لتخفيف السّعال وضيق التنفّس النّاتج عن بعض الأمراض مثل الرّبو.
نقيب مستوردي الأدوية كريم جبارة يُعلّق على هذه الكارثة، قائلاً: “خروج بعض الشّركات العالميّة من لبنان ناتج عن 3 أسباب أساسيّة، السّبب الأوّل يعود إلى وجود ديون دعم متراكمة لم تُدفَع لهذه الشّركات؛ أي أنّ الأخيرة أرسلت أدوية إلى لبنان وبيعت على السّعر المدعوم ولكنّها لم تُدعَم بعد. وهذا أدّى إلى تراكم ديون مما شكّل ضغطاً ماليًّا على الشّركات ساهم في انسحابها”.
أمّا السّبب الثاني فيرجع إلى عجز كمية الأدوية المدعومة التي تأتي إلى لبنان عن تلبية كلّ حاجات اللبنانيّين، وعددها تقلّص كثيراً مُقارنةً بما كان عليه قبل الأزمة، وفق ما يُشير جبارة في حديثٍ لموقع mtv. ويُضيف ذاكراً أنّ السّبب الثالث هو انهيار الجهات الضّامنة، ممّا جعل الأدوية غير المدعومة خارج مُتناول القدرة الشرائيّة لمعظم اللبنانيّين، وذلك نتيجة انهيار القطاع الصحّي والصّعوبات التي يواجهها.
ويُتابع جبارة: “لكلّ هذه الأسباب الأساسيّة، هناك شركات أدوية عالميّة انسحبت من لبنان أو أقفلت مكاتبها، أو قلّصت عديد مكاتبها إلى درجةٍ كبيرة”. إلا أنّه يؤكّد أنّ “إقفال مكاتب هذه الشّركات لا يعني التوقّف عن إرسال الدّواء، ولكنّ المُفارقة هنا أنّ لبنان لم يعد ذات أولوية بالنسبة إليهم، كالسّابق”.
وفي ما يتعلّق بفقدان نوعٍ مُعيّنٍ من المُضادات الحيويّة ودواء لعلاج الرّبو في الأسواق، يلفت جبارة إلى أنّ “الشركة لديها ديون متراكمة لم تُدفع، ممّا يُصعّب عليها إرسال كمية كبيرة من الأدوية إلى لبنان لأنّ باتت لديها شروط ماليّة لذلك، وهذا الأمر أدّى إلى غياب المخزون الكافي لتغطية حاجات المرضى”.
ويشدّد على أنّ هناك أزمة عالميّة تطال مضاداً حيويًّا ودواء لعلاج الرّبو، وليست أزمة لبنانيّة فقط، “لكنّ لبنان تأثّر بشكلٍ كبير لغياب المخزون الكافي منها”.
مُشكلة الأدوية عموماً تنقسم إلى شقّين، يشرح جبارة، قائلاً: “كمية الدواء المدعوم التي تأتي إلى لبنان غير كافية للمرضى لأنّ الأموال المتوفّرة للدعم لا تكفي لتغطية كلّ الحاجات. وهذا النّقص خلق حاجة لسوق سوداء وتهريب، وبات جزءٌ منها سوق تزوير للأسف”، لافتاً إلى أنّ “هناك كمية كبيرة من الأدوية المزوّرة في الأسواق اليوم، ونحن نُعلِم وزارة الصحّة بها، ونُحذّر الناس من الإنتباه جيّداً أثناء شراء الدّواء والتأكّد من المصدر، عندما لا يكون من شركة مستوردة بطريقة نظاميّة”.
أمّا الشقّ الثاني فهو الأدوية غير المدعومة، “هي متوفّرة بالإجمال مع الأخذ بالإعتبار حالات استثنائيّة مثل مشاكل تقنيّة وماليّة ناتجة عن أعباء ماليّة موروثة منذ أيّام الدّعم. ولكن لهذه الأدوية بدائل عدّة يُمكن اللجوء إليها بعد استشارة الطّبيب لكي يُحدّد النّوع الأنسب وفق الحالة. المُشكلة هناك تكمن في سعرها المُرتفع لأنّها غير مدعومة”.
ناقوس الخطر دقّ.. وكي لا نقع في الأسوأ، يُناشد جبارة “تسديد الفواتير المُتوجّبة لشركات الأدوية العالميّة، وبأسرع وقتٍ مُمكن، لتفادي الوقوع في المُشكلة نفسها مع أدوية أخرى”.