19-مايو-2024

كتب رمال جوني في “نداء الوطن”: 

عند منعطف خطير تقف البلديات اليوم. تجهل مصيرها، والأرجح أنّ الانتخابات طارت، والفراغ هو سمة المرحلة المقبلة. لم يسبق للبلديات أن عاشت الفراغ، فهذه ستكون سابقة في تاريخ لبنان الحديث، إذ تكثر التساؤلات بين رؤساء بلديات إقليم التفاح حول الواقع الذي ينتظرهم في ظل الإفلاس الحالي.

بعضها يعجز عن دفع رواتب الموظفين والعمّال، من بينها إتحاد بلديات إقليم التفاح، وهؤلاء لجأوا إلى وظائف ثانية واختصار الدوام على يوميْ عمل. في هذا السياق، يخشى رئيس إتحاد بلديات الإقليم بلال شحادة من الفراغ بكلّ تفاصيله، فهو يعني أن البلديات ستكون بتصرف المحافظ أو القائمقام. ويقول «المحافظات تكاد تُسيّر أمورها، حتى مراسلاتها إلى البلديات تعجز عن تنفيذها».

«الواقع مأسوي»، يقول شحادة الذي لمس تأجيل الانتخابات خلال اجتماع إتحاد بلديات لبنان، مضيفاً أنّه «لن يكون هناك تمديد لأنه يحتاج إلى قانون وهو صعب المنال في ظل التخبط الحاصل. ما يشير إلى أننا ذاهبون إلى الفراغ، أي انهيار السلطة المحلية، وربما إنهاء دورها أسوة بالقطاع العام».

نحو أزمة مياه حادة تتجه قرى إقليم التفاح. واقع بدأ يؤرق شحادة. يدق ناقوس الخطر «حتى المياه ستكون باهظة الثمن». ما يقارب 3 مليارات ليرة لبنانية هي كلفة توفير مياه الشرب في بلدة واحدة شهريّاً، فسعر غالون المياه سعة 10 ليترات تخطى الـ 65 ألف ليرة (عادة كانت المياه أرخص شي). لم تعد المياه «رخيصة»، سقط هذا المصطلح من القاموس. باتت باهظة الثمن. تجاوزت جرّة المياه الـ 75 ألف ليرة أيضاً.

يتألف إتحاد بلديات إقليم التفاح من 10 بلديات، معظمها يعاني من الافلاس، ويواجه أزمات مماثلة لتلك التي تواجهها باقي البلديات، مع فارق بسيط، أنّ بعضها بدأ يعتمد على المجتمع الأهلي لمواجهة المرحلة الأصعب. ويشدّد شحادة على أن «الشراكة بين بلدية حومين التحتا ومتمولي البلدة أنتجت محطة تكرير للمياه بمواصفات عالية جدّاً»، لافتاً إلى وجود 4 محطات تكرير في الإتحاد، وفرت على الأهالي 19 مليار ليرة شهريَّاً، ما دفع بالمحطات التجارية إلى الإقفال». والأهم أن «المياه المكرّرة صالحة للشرب وتخضع لفحوصات دورية». وقاربت كلفة تلك المحطات الـ30 ألف دولار، موّلها أبناء البلدات.

غياب مشاريع المياه طيلة السنوات الماضية، أدى إلى وقوع أزمات خطيرة على المواطن الذي يتكبّد يومياً بين شراء مياه الشرب والاستهلاك المنزلي حوالى 600 ألف ليرة. لهذا، يدفع شحادة باتجاه وضع المزيد من محطّات التكرير في قرى الإتحاد، لتخفيف الضغط عن الأهالي.

ما يقلقه أكثَر مياه الإستخدام. غالبية البلديات بالكاد تتمكَّن من توفير المحروقات للآبار «صرنا عالشِّفة، وقد نتوقّف في أي لحظة، صناديق البلديات فارغة»، معتبراً أن ترشيد المياه يجب أن يكون عنوان المرحلة المقبلة. يدرك أنّ «الواقع صعب والأزمة خطيرة، معظم المزارعين لن يتمكَّنوا من شراء المياه لريّ مزروعاتهم وخصوصاً التفّاح».

تشتهر بعض قرى الإقليم في زراعة البصل والملوخية والخضار على أنواعها، هذه المزروعات تحتاج للري، لكن المياه لن تكون متوفرة لا اليوم ولا في الأشهر الآتية في ظل الجفاف الحاصل، وغياب الأمطار. ورأى شحادة أنّ «صعوبة توفير المياه سيؤدّي إلى ارتفاع أسعارها لتتخطّى المليون ليرة للنقلة الواحدة لشراء مياه الإستهلاك». غير أنه يؤكّد عزمه على توفير الأموال عبر الجهات المانحة، ويقول: «سنطلق مشروع ترشيد المياه الزراعية بالتعاون مع منظمتي «الفاو» و»اليونيسف» ليصبح ريّ المزروعات «عالنقطة».