22-نوفمبر-2024

كتبت ‎لينا دوغان في مقالتها بـ ‎”لبنان الكبير”:

كعادته وفي ذكرى استشهاد والده الرئيس رفيق الحريري لا يغيب سعد الحريري وإن كان هذه المرة أتى وقد علق عمله السياسي.
صادفت الذكرى الثامنة عشرة هذا العام يوم الثلاثاء الماضي ووصل سعد الحريري الى ضريح والده ليقرأ سورة الفاتحة رفقة عمته وعمه، لكن كان سبقه جمهوره وأحبابه وهم كثر، انتظروه ليرددوا معه سورة الفاتحة عن روح الرئيس الشهيد، فمحبتهم له كبيرة والشوق لسعد الحريري يكبر.
هتاف الجمهور لسعد الحريري دفعه الى التفاعل معه والنزول اليه فكانت صورة جميلة للقاءات عفوية بينهما… الحريري على صمته والجمهور على محبته.
في اليوم نفسه كان “بيت الوسط” مفتوحاً للجمهور، قرار اتخذه سعد الحريري ليلتقي بناسه عن قرب، فيستقبل من توجه من الضريح اليه وفداً تلو الآخر.
ظل سعد الحريري على موقفه القائل بتعليق العمل السياسي والتزم الصمت في هذا الموضوع، ولم يكن حديثه مع جمهوره وناسه سوى عن ذكرى استشهاد رفيق الحريري وعن أوضاع البلد وأحواله، وكرر أمامهم مراراً أن سبب زيارته فقط هو ذكرى استشهاد والده ولن يتحدث بشيء آخر.
اذاً، هو آثر الصمت وهم أخذوا الكلام وقالوا كل شيء، قولاً واحداً كل شيء. منهم من اعتبر قراره سليماً في هذه الظروف، آخر رأى أن سعد الحريري هو السند وأنهم أصبحوا بلا سند، سيدة رأت – بصوتها العالي وبإصرار – أن سعد الحريري يجب ومن الضروري ولازماً أن يعود، شاب قال إننا متروكون هكذا وليس لنا سواك، وسيدة أخرى اعتبرت أن الثورة كانت في وجه سعد الحريري فقط، فلماذا لا تقوم ثورة الآن والدولار في ارتفاع؟
ينصت سعد الحريري لكل هذه الآراء، طبعاً هي آراء المحبين ليطلب من الجميع الترحم على رفيق الحريري وقراءة الفاتحة ويمشي من دون اضافة أي كلمة أخرى، ليعود ويلتقي وفداً آخر ويسمع الكلام نفسه.
هذا ما يحصل في القاعة الموجودة في الطابق الأرضي من “بيت الوسط” حيث كانت الحشود تتوافد بصورة جنونية وهستيرية للقاء الحريري، اما في الطابق الأول فكانت اللقاءات تأخذ طابعاً رسمياً الى حد ما.
الى هذا الطابق توافد أيضاً العديد من الشخصيات التي أتت لتعزية الرئيس الحريري أفراداً ومجموعات، مقربين وأصدقاء، مرغوباً بهم وغير مرغوب، عدا عن الذين جاؤوا ولم يجدوا الباب مفتوحاً على الرغم من أن الناس فتحوه بمحبتهم.
اذاً، قدم الكل لرؤية سعد الحريري والى الطابق الأول بالتحديد جاؤوا وكان عدد منهم غير مرحب به، ومع ذلك تجرأوا على القدوم ربما لسماع موقف منه أو ربما لكسر الجليد، لكنه في كلتي الحالتين بقي صامتاً وإن تحدث فكلماته كانت في العموميات.
آخرون حاولوا وتوسطوا لكن كلامهم ومواقفهم تجاهه لم تترك مجالاً للود على الرغم من أن هذا البيت لم يقفل بابه يوماً في وجه أحد، لذا لم يغامروا بالمجيء.
هي خمسة أيام أمضاها الرئيس سعد الحريري في بيروت أكد خلالها على الاستمرار في تعليق العمل السياسي واكتفى بتعليق واحد: “الله يرحم رفيق الحريري، والله يعين لبنان”، لكن من هذه الأيام يوم واحد لم يتكلم فيه سعد الحريري خصوصاً في السياسة الا أن الناس لم يسكتوا وقالوا كلمتهم وأثبتوا حبهم له وتمسكهم برؤيته المبنية على نهج الشهيد رفيق الحريري ومشروعه الداعي الى العيش المشترك ونبذ التطرف والتمسك باتفاق الطائف وغيرها من العناوين الوطنية وذلك كله تحت شعار لبنان أولاً… وأخيراً.