كتب وليد حسين في “المدن”:
رغم محاولات وزير التربية عباس الحلبي لفتح أبواب المدارس من خلال الضغوط على مدرائها، في ظل إضراب روابط المعلمين، سيستمر الإضراب الأسبوع المقبل. وعليه، تدخل المدارس في الأسبوع السابع على التوالي في مرحلة الإقفال. فالاجتماعات الطارئة التي طلب الحلبي من مديري التعليم الثانوي، خالد الفايد، والابتدائي، جورج داوود، عقدها مع مدراء المدارس لم تكتمل. لا بل توقفت ولم تأت بنتيجة تذكر، رغم التحذيرات التي نقلها المديران لمدراء المدارس. أما لجوء بعض مدراء المدارس إلى دعوة الأساتذة، ولا سيما المتعاقدين، إلى الحضور إلى مدارسهم يوم الإثنين المقبل للعودة إلى تعليم الطلاب، فلن تنجح بدورها لانتظام العام الدراسي، في ظل الإضراب المعلن من روابط المعلمين، والرفض القاطع من الأساتذة للعودة إلى التعليم قبل تحسين شروط عيشهم.
لغة التمني لا التهديد
حاول وزير التربية عباس الحلبي إعادة إطلاق العام الدراسي بالقوة موعزاً إلى مديريتي التعليم الثانوي والابتدائي ابلاغ المدراء بفتح أبواب مدارسهم، وذلك لما لهم من سلطة معنوية على الأساتذة. لكن لم تكتمل الاجتماعات مع المدراء لأنها غير مجدية. حتى أن مدير التعليم الثانوي خالد الفايد (تيار مستقبل) نقل تهديدات الوزير بدمج الثانويات العام المقبل، وجعل المدراء نظاراً وأساتذة، بصيغة التمني وليس التهديد، تقول المصادر. وتضيف أن الفايد وضع المدراء بما يجري على الأرض بعد تراجع عدد طلاب الثانوي من 80 ألف طالب إلى ستين ألفاً. ومن المتوقع انخفاض العدد إلى أربعين ألفاً العام المقبل، ما يحتم دمج الثانويات. لكن بصفته مديراً للتعليم لا يمكنه استخدام لغة تهديد واضحة في ظل الظروف الحالية التي يعيشها المدراء، مثلهم مثل الأساتذة. وفيما تشير مصادر إلى أن الوزير ألقى اللوم على الفايد في عدم استخدام الشدة مع المدراء، على اعتبار أن تيار المستقبل غير متحمس لإستئناف التعليم في المدارس الرسمية في الوقت الحالي، تشير مصادر أخرى إلى أن الوزير لم يشأ استخدام الشدة من الأساس، لا مع المدراء ولا الأساتذة.
“المستقبل” على ضفة النهر
وتضيف المصادر أن تيار المستقبل فقد شعبية كبيرة بين الأساتذة، ووصل الأمر حد استقالة رئيسة رابطة الثانوي ملوك محرز. وقد ألقى الأساتذة وأعضاء في الرابطة اللوم عليها بأنها كانت تهادن وزير التربية. لكن بعد استقالتها لم تسر الأمور في الرابطة إلى الأفضل ولم يحقق الأساتذة أي مطلب.
خسر “المستقبل” شعبيته لإرضاء وزير التربية ورئيس الحكومة فيما أساتذته يلقون اللوم عليه. يضاف إلى ذلك أن السيطرة الحزبية على روابط المعلمين باتت للشيعة، فيما يفترض أن تكون احداها للسنّة، ورابطة التعليم المهني للمسيحيين، وفق الأعراف المتبعة. وحالياً، رابطة التعليم الأساسي يرأسها حسين جواد (حركة أمل) ورابطة التعليم الثانوي ينطق ويفاوض باسمها نائب الرئيس حيدر إسماعيل (حزب الله). بالتالي من الطبيعي ألا يتحمس الأساتذة الموالين لتيار المستقبل للعودة إلى المدارس، بعد تلقيهم هذه الضربات، وتحميل تيارهم عبء الطعن بالأساتذة وعدم المبالاة بحقوقهم. ففضل تيار المستقبل الجلوس على ضفة النهر في انتظار انتهاء مرحلة المزايدات التي يقوم بها بعض أعضاء روابط المعلمين ورمى الطابة في ملعبهم لتلقف غضب الأساتذة. ويتفرج على التناقضات بين رابطتي الثانوي والأساسي: جواد يميل إلى العودة لفتح المدارس، فيما إسماعيل يريد مواصلة الإضراب.
دوام كامل وتعويض الغياب
ووفق المصادر، ستجري روابط المعلمين الأسبوع المقبل لقاءات مع المعنيين لمعرفة التوجهات وإذا كانوا يريدون فعلاً انقاذ العام الدراسي. فقد سبق وتعهد وزير التربية عباس الحلبي للروابط بأن يجري حساباته لدفع 125 دولاراً في الشهر للأساتذة عن الأشهر المتبقية من العام الدراسي. وتلقى وعداً من رئيس الحكومة نجيب ميقاتي بإقرار بدل نقل خمسة ليترات بنزين عن كل يوم عمل. لكن لم يتوصل الاجتماع مع الروابط إلى اتفاق على صيغة موحدة، فأجلت الروابط طرح أي عرض على الأساتذة بشكل رسمي لاستبيان رأيهم. فوزير التربية أصر على الدوام الكامل لدفع الـ125 دولاراً (16 يوماً لتعويض أيام الغياب لأنهاء المناهج) فيما الروابط تريد عدم ربطها بالدوام الكامل بل بأيام الحضور العادية. فعلى سبيل المثال أيام التعليم الفعلية في شهر نيسان تقتصر على ثمانية أيام.
وضع العصي بالدواليب
تشير المصادر أن اجتماع اللجنة الوزارية، يوم الخميس الفائت، تأجل لأسباب مجهولة، فيما كان يفترض باللجنة إقرار ليترات البنزين. ما يعني أن البعض لا يريد تحقيق هذا المطلب البسيط، أو يطمح إلى تخفيض عدد الليترات. كما لو أن هذا البعض يريد للأساتذة الانبطاح حتى من دون تأمين أدنى المقومات. فقد سبق ووافق الميقاتي على منح الأساتذة خمسة ليترات بنزين رغم أن الروابط طالبت بستة ليترات. لكن بعد قبول الروابط بخمسة ليترات بنزين يبدو أن البعض يريد التراجع عنه. فتجربة الأساتذة مع رئيس الحكومة مريرة في هذا الشأن.
ووفق المصادر، هناك من يضع العصي بالدواليب ولا يريد البحث عن أي حل، بل الذهاب إلى المزيد من التأزيم. غير ذلك كان يمكن إيجاد حل عقب لقاء الروابط مع وزير التربية. فقد عرض الاجتماع جملة حلول كان يفترض أن يعمل عليها لتصبح اقتراحات ثابتة يمكن التوجه بها إلى الأساتذة لاستفتاء رأيهم. لكن ارتفاع سعر صرف الدولار، إلى مستويات غير مسبوقة، أتى ليعقد إمكانية طرح أي حل قد يرضي الأساتذة.