أعادت الهزّة الأرضية التي شهدها لبنان، فجر اليوم الإثنين، تزامناً مع الزلزال الذي ضرب تركيا وسوريا، الذاكرة إلى كارثة عام 1956، إذْ وقع حينها زلزالٌ مدمّر في لبنان أسفر عن مقتل أكثر من 100 شخص.ووصفت تقارير عدّة حجم الدمار في قرى الشوف وجزين وصيدا. حينها، كتبت جريدة “الحياة”: “هل تعرفون أنّ الزلزال شق جبل نيحا؟ لم يبق جلّ إلّا وسقط قسم من حافته، ولا طريق إلّا شلق جزء منها، ولا بيت إلّا وتصدّع ولم يعد يصلح للسكن، والذي لم يتصدّع تهدّم على بعض أهله وبعض أبنائه”.
بدوره، وصف تقرير في جريدة “الأنباء” مشهد الإنهيارات على جوانب الطرقات بعد جسر الدامور، وقال: “هنا صخر كبير تدحرج إلى الطريق، وهناك شجرة ضخمة نامت على الأرض”. كذلك، أحصى تقرير آخر لجريدة “النهار” الدمار والقتلى، وقال: “الطريق بين مزبود وشحيم أصبح مهدداً بالإنهيار. أما جنوباً، ففي جباع مثلاً، تهدّم أكثر من 200 بيت وأصيبت البيوت الأخرى بصدوع. كذلك، مسح الزلزال عازور ولم يترك فيها بيتاً قائماً يأوي إليه مواطن، وحوّلها إلى أكوام من التراب والحجارة”.
وبحسب المُعطيات التي جرى تناقلها تاريخياً، فإنّ الزلزال أسفر عن وقوع 140 ضحية و 102 من الجرحى. وفي شحيم، القرية التي تكبّدت العدد الأكبر من الضحايا، فتوفي 36 شخصاً. أما الخسائر المادية فكانت هائلة، فقد طال الدمار آلاف المنازل من قرى الجنوب والشوف ولم يسلم حتى قصر بيت الدين ودار المختارة من التصدّعات في الجدران. في البداية، قدّرت إحصاءات لجنة الإغاثة والتعمير أنّ عدد القرى المنكوبة 241 قرية وجرى الكشف على 11009 منازل،“منها 7387 منزلاً بين متصدع جزئياً ومتصدّع كليّاً ومهدوم. وفي الأيام الأولى للزلزال، كشف مهندسو بلدية بيروت على 260 بناية، وبناءً لأمر النيابة العامة تقرر إخلاء 21 منها من السكان تمهيداً لهدمها.
وبحسب تقرير سابق لمجلة المفكّرة القانونيّة، فإنّ الزلزال حصل يوم الجمعة 16 آذار 1956 بين الساعة 9.35 و 9.45 صباحاً. حينها، تعرّض لبنان لـ3 هزات أرضية مركزها الروافد السفلية لنهر بسري وتراوحت قوتها بين 4.8 و 5.1 ريختر. وفعلياً، فقد شمل الزلزال مجمل ساحل المتوسط الشرقي (لبنان، فلسطين، سوريا).
ويتوسّط بسري قضاءي الشوف (شمالاً) وجزين (جنوباً)، وبالتالي كان للقرى المحيطة به نصيبها الأكبر من الفاجعة. دُمرت بعض القرى بشكل كامل: روم، عازور، شحيم، جون، قيتولي وكفرحتى وهي تقع على دائرة صغرى تحيط بجوبة بسري، نقطة الإرتكاز للهزات الأرضية. كذلك، امتدّت آثار الزلزال إلى دائرة ثانية كبرى تصل إلى صيدا. مع هذا، فقد وصل تأثير الزلزال إلى بيروت التي تصدّع العديد من أبنيتها، وأصيب أهلها بالهلع.
وبلغ مجموع العقارات التي أخليت 25 عقاراً أو بناية بالإضافة إلى 13 بناية تقرّر تدعيمها وإصلاحها. وحينها، تأخّر الكشف على الأضرار التي لحقت البيوت في صيدا وبيروت لكن في مجمل المناطق وبإحصاءات متأخرة، تعدّى عدد البيوت المتصدّعة 12000 منزل وتهدم نحو 7000، بالتالي شرّد الزلزال أكثر من 44 ألف لبناني، وتمّ تقدير الخسائر المادية آنذاك بـ25 مليون ليرة (كان سعر صرف الليرة بين 3 و4 ليرات للدولار)، وكان الحديث بداية عن حاجة إلى 6000 خيمة كي لا يبيت الناس في العراء.
المصدر:لبنان ٢٤