23-نوفمبر-2024

كتبت إيسامار لطيف في موقع mtv: 

فجّرت أزمة الدولار الشارع اللبناني خلال اليومين الماضيين حرفياً، إذْ تحولّت الشائعات التي كنّا نسمعها حول “دولرة” الخدمات إلى واقع أليم “يُنكّت” البعض عليه وكأنّه مزحة. أمّا أسعار المحروقات فحدّث ولا حرج، حيث تخطّت عتبة المليون ليرة منذ مساء الثلثاء حتّى صباح اليوم، أيّ بأقلّ من 48 ساعة، ممّا دفع بأصحاب التاكسي وشركات النقل الخاصّة إلى “دولرة” التعرفة، وما هذه إلّا البداية!

بغضّ النظر عن اللعبة “السوداء” التي تتحكم بسعر صرف الدولار، لا شكّ بأن القطاع الخدماتيّ في البلد لا يمكنه الاستمرار بهذه الوتيرة التي تدفعه مرغماً نحو الإقفال والاستسلام لجهنم التي أوصلوه إليها. وما بين الربح والخسارة خيط رفيع، قطعته شركات “التاكسي” بقرارها الأخير، ليقع المواطن ضحيّة الوضع الاقتصاديّ للمرة الألف، لا سيّما وأن بعض الأفراد تعتمد على خدمة التاكسي للتنقل أو الذهاب إلى العمل، إلّا أن هذه الرفاهية باتت حكراً على الميسورين حتّى إشعار آخر.

يقول بشارة الحاج لموقع “mtv”، وهو صاحب شركة في منطقة الحدت – بعبدا، إن “الفلتان الماليّ الحاصل في السوق الموازية وما تبعه من ارتفاع جنونيّ لسعر صفيحة البنزين يضعنا أمام خيارين لا ثالث لهما، إمّا إقفال باب رزقنا والجلوس مكتوفي الأيدي في المنزل بإنتظار الفرج، أو ركوب الموجة العامة والمخاطرة… وأنا شخصياً لن أقبل بأن يجوع ابني، لذا حدّدت تسعيرة التنقلات بـ”الفريش دولار”، وكما يقول المثل الشعبيّ عندنا “لا تنام بين القبور ولا تشوف منامات وحشة”. 

هذا ويكشف الحاج في سياق كلامه أن “الإقبال على طلب التاكسي تراجع بنسبة 80% تقريباً مقارنة بعامي 2018 و2019، ببساطة لأن قدرة المواطن وأولوياته تبدلت، إضافة إلى ارتفاع أسعار التنقلات التي لا يُمكن للموظف الذي يتقاضى راتبه بالليرة اللبنانيّة تحملها، ناهيك عن الجرائم التي نسمع عنها يومياً والتي تُفزع المواطنين من طلب مكاتب التاكسي إلّا للضرورة القصوى”.

بالموازاة، سارت شركات التاكسي الأخرى في المنطقة على خطى الحاج، معتبرةً أنها بهذه الطريقة تجنب نفسها الخسارة، بحيث إذا ارتفع أو انخفض الدولار تبقى الرابحة. فمثلاً، أرسلت شركة مقرّها الحازمية، صباح الأربعاء، رسالة نصيّة عبر تطبيق “الواتساب” لزبائنها تضمنت الآتي: “عملاؤنا الكرام، نظراً للوضع الاقتصادي الحالي الرائج في البلاد، يرجى أخذ العلم أنه من الآن وصاعداً، سنقوم بتحصيل الرسوم بالدولار الأميركي، على أن يتمّ الدفع بالليرة اللبنانية بحسب سعر صرف الدولار في السوق الموازي.شاكرين لكم تفهمكم وتعاونكم، راجين أن تعود الأمور لتستقر في القريب العاجل”.

وبناءً على التعرفة الجديدة، تتراوح أسعار التنقلات ضمن إطار بيروت الإداريّةما بين الـ5 أو 6$، ومن بعبدا إلى الزلقا 8$، وإلى المطار ابتداءً من 10$وصولاً إلى الـ20$، وإلى فريا ما بين الـ40 و45$، ومن الدورة إلى ضبيّة أيّ بمسافة لا تتعدّى الـ7 كيلومترات فوصلت التسعيرة إلى الـ7$، أمّا إلى الأرز وبعلبك أو المناطق الحدوديّة فتصل التسعيرة إلى 100$ أو أكثر، وذلك اعتماداً على عدد الركّاب ونوع المركبة المطلوبة. 

من وجهة نظرهم، يرى أصحاب شركات التاكسي أنّ ارتفاع الدولار أجبرهم على رفع أسعارهم، فهل قرارهم ساري المفعول؟

يؤكّد رئيس اتحادات ونقابات قطاع النقل البرّي بسام طليس لموقع “mtv” أن “ما يتمّ تداوله حول التسعيرة الجديدة غير قانونيّ”، مشدّداً على أنّه “لا يحقّ لأيّ شركة حتّى ولو كانت خاصّة اتخاذ قرار تغيير التعرفة أو استبدال العملة الوطنية بالدولار، دون الرجوع إلى الجهات المعنيّة أو أقلّه وزارة الأشغال التي عادةً ما يصدر عنها بياناً مفصّلاً في حال قرّر الوزير ذلك، ولكن حتّى الساعة هذا القرار غير وراد بتاتاً ولا علاقة لنا به”.

أمّا حول ما إذا كان السائق العموميّ يتحمل نتائج اتخاذ الشركة التي يعمل بها لهذا القرار، فيلفت طليس إلى أن “السائق العمومي لا علاقة له بقرارات شركته، لأنّه موظف مأجور وليس من صلاحياته الموافقة أو الرفض إداريّاً”، داعياً المواطنين إلى “التبليغ حول الشركات التي تتقاضى تعرفتها بالدولار، ليُبنى على الشيء مقتضاه”.

من السهل رفع التعرفة أو اعتمادها بالدولار الأميركيّ حصراً، ولكن كيف سيُسدّد المواطن هذه الزيادة براتبه الحالي؟ وهل المطلوب أن يُذلّ كلّ مَن لا يملك سيّارة خاصّة؟