كتب طوني فرنسيس في “نداء الوطن”:
يعجز النواب كتلاً وأفراداً عن انتخاب رئيس للدولة، لسبب بسيط هو الانقسام الحاد حول هوية الرئيس المقبل وعدم قدرة أي من وجهتيْ النظر على توفير غالبية الحد الأدنى لترجيح مرشح على آخر.
كان يمكن دعوة الزغرتاويين إلى استفتاء لاختيار مرشح باعتبار أنّ المرشحيْن الأساسيين حتى الآن ينتميان إلى هذه البلدة، ويمكن أيضاً اللجوء إلى بكركي لجمع المرشحيْن ومحاولة توحيد موقفيهما على خيار ما.
أفكار من هذا النوع لا تعود مستغربَة عندما نرى استحالة الانتخاب وبقاء الشغور في المنصب أشهراً وسنوات، ما يسمح بارتفاع الأصوات حول تفريغ الدولة من مسيحييها و»تشليح» الموارنة مناصبهم. لكن لا روايات التشليح تستقيم ولا استفتاء زغرتا أو اجتماع بكركي يمكنهما أن يغيّرا في الوقائع أو النتائج.
حتى اعتصام النواب في المجلس لن يؤدي إلى تغيير في الصورة، إنّه تحريك لا تحرير للمجلس من كوابيس حسابات كتله. البعض يشبّهه باعتصام الإمام موسى الصدر في مطلع الحروب اللبنانية. كان الإمام بخطوته السلمية يريد فتح طريق ثالث لوقف الانهيار، لكنّه لم ينجح لأنّ القوى الأساسية المتصارعة كانت ذاهبة إلى الحرب بكامل قواها العقلية وأوهامها الوجودية.
في الواقع النيابي لن نرى رئيساً في المدى المنظور. مواصفات هذا الرئيس هي شيء عند «حزب الله» وتحالفاته، وشيء آخر عند الآخرين. فالسيادة والإصلاح وإعادة بناء الدولة برنامج مختلف عن برنامج حماية ظهر «المقاومة» صواريخ وسلاحاً. البرنامجان، يمكن لأسباب تعود إلى ميزان القوى الداخلي، أن يحاولوا وصولاً إلى نقاط مشتركة. لكن الحوار يحتاج إلى قابلين بالحوار مثلما أنّ الديمقراطية تحتاج إلى ديمقراطيين والسيادة والإصلاح إلى سياديين واصلاحيين.
الحوار كما يطرح الآن لا يوحي برغبة حوارية حقيقية. «حزب الله» يريد سلفاً رئيساً يحميه شرعياً، يواجه محاولات أميركا رميه في المتوسط، ولا يسمع إلى «تلفون» يأتيه من هنا وهناك، غير ذلك التلفون المعروف المصدر والهدف.
والحوار الذي يطرحه رئيس المجلس نبيه بري لا جدول أعمال له غير الجدول الآنف الذكر، وفي كل حال، بهذا الجدول أو بغيره لم تتوقف الاتصالات بين أغلبية النواب والكتل، والنتيجة ليس فقط جلسات مكررة من دون نتيجة، وإنما إلغاء للموعد الأسبوعي من أساسه.