24-نوفمبر-2024

كتبت سينتيا سركيس في موقع mtv:

شئتم أم أبيتم، اعترفتم أم أنكرتم، نحنُ جميعاً اليوم ضحايا مجزرةٍ لم يسبق لها مثيلٌ في العالم. مجزرة سياسية لا يعاقَبُ فيها القاتلُ بل يُؤلّه ويُوزّر… مجزرة مالية لا يُعاقََبُ فيها الفاسِدُ والسارقُ بل يفوز مجددا في الانتخابات… نحن نموتُ من ألف سببٍ وسببٍ في لبنان، وقد اعتدنا خطأ على الكثير منها… ولكن أن يَقتل غبيّ ما إبني أو شقيقكَ أو والدتك، لهو أفظعُ ما يمكن أن يحصل، وللأسف بات خبرا عاديا في نشراتنا.

لا أعرفُ من هو الجاهل الذي بدأ تلك السُبحة التي تكرُّ إلى ما لا نهاية، وباتت ظاهرةً غبيّة لا نجدُ من يضعُ حدّا لها. أغبياء يطلقونَ الرصاصَ إن فرحوا، أغبياء يطلقون الرصاصَ إن حزنوا، أغبياء يقتلون من لا ذنبَ له بحزنهم، ويقتلون من لا ذنبَ له بفرحهم. بأيّ حقّ يُنهي جاهلٌ ما حياةَ طفلةٍ واقفةٍ عند مدخلِ منزلها؟ بأيّ حقّ تموتُ شابةٌ أثناء تناولها العشاء في مطعمٍ لأن جاهلا ما حوّل شجارا في الخارج إلى معركة؟!

قبل يومين، كادت رصاصةٌ طائشة يُرجّح انها انطلقت من جنازةٍ في الاوزاعي، أن تُسبّب جنازة أخرى في بئر حسن. الصبيّ كريست حربويان إبن الـ12 عاما، وهو تلميذٌ في أكاديمية BFA وعندما كان يهمّ بمغادرةِ ملعب بئر حسن بعد انتهاء مباراة لكرة القدم كان يشارك فيها، اخترقتْ رصاصةٌ فجأة ظهره ووصلت إلى الرئة لتستقرّ هناك إلى الأبد، وفق ما أوضحَ رئيس الاكاديمية زياد سعادة في حديث لموقع mtv.

وكشف سعادة أن الرصاصةَ سترافق الصبيّ مدى الحياة بعدما أكد الأطباء أن هناكَ استحالةً لنزعها من ظهره، علما أن سنتيمتراتٍ ثلاث كانت لتُحدث فاجعة… تماما كما حصلَ مع لاعب كرة القدم محمد عطوي الذي قُتل قبلَ عامين في الملعب نتيجةَ رصاصةٍ استقرت في رأسه. ووجّه سعادة نداء إلى قائد الجيش للضرب بيدٍ من حديد في هذا الموضوع وتوقيفِ كلّ من يقوم بإطلاق الرصاص، إضافة إلى الاحزاب التي بإمكانها أن تقوم بدورٍ مهمّ لتوعية أفرادها.

وفق الباحث في الدولية للمعلومات محمد شمس الدين، تمّ بين العام 2010 وحتى الـ2022، إحصاء 90 ضحية و128 جريحا نتيجة الرصاص الطائش أي بمعدل سنوي يبلغ 7 ضحايا و14 جريحا… هؤلاء يا سادة أطفالٌ وشبانٌ ورياضيون وأمّهات وآباء، قتلهم الاغبياء الذين يتنقّلون بيننا، يحملون سلاحهم للتعبير عن قبح ما في رؤوسهم، مسوّقين لثقافة هي أبعد ما يكون عن ثقافة لبناننا الذي نريده ونفتخر به.

للمرة الالف سنوجّه نداء إلى كلّ مسؤولٍ أمني في هذه البلاد: لاحقوا كلّ أحمقٍ يتغلغلُ في مجتمعنا ويقتلنا، أسجُنوهم واحدا واحدا وليكونوا عبرةً لغيرهم، لان الرصاصةَ لا تختارُ ضحيتها، وقد يكون إبنكم هدفها المقبل أو أي واحدٍ منّا ومنكم.

كلنا مشاريع قتلى، وكونوا اكيدين أن كثرا منّا مشاريعُ مجرمين متى قتلَ غبيّ ما… إبننا!