كتب أكرم حمدان في “نداء الوطن”:
أخيراً، وبعد 13 جلسة، وأكثر من سنة من الأخذ والردّ، وبعد مرور نحو ثلاث سنوات على الأزمة المالية والإقتصادية التي يُعاني منها لبنان واللبنانيون، زفّ نائب رئيس مجلس النواب إلياس بو صعب خبر إنتهاء اللجان النيابية المشتركة من دراسة وإقرار مشروع قانون الـ»كابيتال كونترول» والذي كان يُفترض إقراره بعد أشهر قليلة لا بل بعد أسابيع على بداية الإنهيار، أي في نهاية العام 2019 ومطلع العام 2020.
فهل الصيغة التي أقرّتها اللجان ستجد طريقها إلى الهيئة العامة لمجلس النواب ومتى؟ وهل ما أُنجز هو أفضل الممكن كما قال بوصعب، وكما عبّرت مصادر نيابية متابعة لـ»نداء الوطن»؟ ومتى يُمكن أن تُنجز القوانين المرتبطة مثل إعادة التوازن المالي وإعادة هيكلة المصارف؟ وماذا تغيّر بعدما خضع المشروع لتعديلات غيّرت في مضمون ما كان وارداً في المشروع من قبل الحكومة؟
كثيرة هي الأسئلة التي يُمكن أن تُطرح بعد إنجاز اللجان مهمّتها وبانتظار أن تنتهي المشاريع المتعلّقة أو المرتبطة به، لكن الأجوبة تبقى معلّقة على مشرحة الأزمة السياسية المفتوحة والتي تربط أي خطوة أو عمل بضرورة بداية الحل، من معالجة أزمة الشغور الرئاسي وانتخاب رئيس للجمهورية يُمكن أن يُواكب أي خطة لإنقاذ ما تبقّى من البلاد.
وفي السياق، تقول مصادر نيابية لـ»نداء الوطن»: «إن ما أقرّ هو أفضل الممكن ويتعارض مع غالبية ما قدّمته الحكومة وما نُسب إلى أنه من شروط صندوق النقد الدولي، ونأمل أن يُصار إلى إقراره في الهيئة العامة لمجلس النواب رغم أنّ انعقادها في المرحلة الراهنة غير وارد بسسب الأزمة السياسية، مع العلم أنّ قاعدة «الضرورات تُبيح المحظورات» يُمكن اللجوء إليها لإقرار التشريعات الضرورية كما هو حاصل بشأن إجتماع حكومة تصريف الأعمال لمعالجة الملفات الملحّة والضرورية كملفّ الكهرباء وغيره».
وعلى الرغم من صعوبة التكهّن بإمكانية الإجابة على الكثير من الأسئلة، وفي مقدّمها هل لا تزال هناك فائدة من تنفيذ هذا القانون في حال صدوره وكذلك مدى الإلتزام بتطبيقه، فإنّ إقراره سيتجاوز السنة من الأخذ والرد وكذلك إبقاء صيغة المادة 12 التي تُعتبر من أساسيات النقاط الخلافية مفتوحة على صيغتين ورفعها للبت بها من قبل الهيئة العامة.
وللتذكير، فإنّ هذه المادة كانت محور الخلافات الأساسية خلال المناقشات السابقة التي حصلت وشارك فيها إلى النواب شخصيات من جهات مختلفة من أصحاب الإختصاص، وكان هناك ثلاثة إقتراحات أو صيغ، الأولى كانت تُمثّل أصحاب المصارف وتُطالب بمنح المصارف حصانة ضد كل الدعاوى بما فيها منع المحاكم الأجنبية من قبول دعاوى المودعين في الخارج لإستعادة ودائعهم. أما الصيغة الثانية فكانت تُطالب بإلغاء هذه المادة على قاعدة أنّه يحقّ للمودعين المطالبة بودائعهم سواء في الداخل أو في الخارج، فيما اقترحت الصيغة الثالثة تعليق تنفيذ «الأحكام والقرارات المبرمة التي صدرت قبل صدور هذا القانون وتلك التي ستصدر بعد دخوله حيّز التنفيذ والمتعلقة بمطالب أو تدابير مخالفة لأحكامه، ويبقى هذا التعليق سارياً لغاية إنتهاء مهلة تطبيقه المنصوص عنها في المادة الرابعة عشرة وإنتهاء تمديدات هذه المادة في حال حصولها».
بو صعب: سنرفع البتّ بالمادة 12 إلى الهيئة العامة
من جهته، قال بو صعب بعد انتهاء جلسة اللجان: «بعد جهد الجلسة رقم 13 أنهينا النقاش في مشروع الـ»كابيتال كونترول»، أخذ نقاشاً مطولاً وأجريت عليه تعديلات كبيرة، أقرينا المواد 11،12،13و14 والتي تنصّ على الغرامات والعقوبات لأي أحد يخالف تطبيق هذا القانون، والمادة 12 التي تنص على البند المهم، وهو عن المودعين وحقوقهم بالنسبة للدعاوى على المصارف، ومن هذه الدعاوى التي تحصل خارج لبنان، من التفاهم الذي أجمعنا عليه خرجنا بصيغتين، الأولى التي اقترحتها أن نشطب المادة، والثانية تقول إنه بهذه المادة وحفاظاً على حقوق المودعين على عكس ما كانت المادة آتية، يبقى لهم الحق في أن يرفعوا شكاوى خلال سريان تنفيذ هذا القانون».
أضاف: «خفضنا مهلة سريان القانون من سنتين إلى سنة، وأخذنا بالإعتبار حقوق المودعين وكنا تبنّينا الصيغة الثانية، وسنعرض الأمرعلى الهيئة العامة وسنضع تقريراً عن الـ»كابيتال الكونترول»، وفي التقرير نستطيع أن نضع توصيات، ونأمل أن ينتهي النقاش بقوانين لجنة المال والموازنة، فهناك توصية واضحة من اللجان المشتركة بأن تدرس القوانين مع بعضها البعض، أي التنظيم المالي وإعادة هكيلة المصارف».
وتابع: «أنا متفائل أنّ الأزمة الإقتصادية لها حل، وعلينا أن نشرّع قوانين بطريقة عقلانية ونحافظ على مصارفنا، ويوم تقفل المصارف نخسر كل شيء، النقاش الذي حصل كان مفيداً، إقرار الـ»كابيتال كونترول» أخذ 13 جلسة، ووصلنا إلى نتيجة، والجميع يرى أنّ هذا هو أفضل الممكن».
في المحصلة، أنهت اللجان «ماراتون» الجلسات بانتظار اقتراحيْ إعادة التوازن المالي وإعادة هيكلة المصارف، وقبل هذا وبعده، سينتقل الـ»كابيتال كونترول» إلى «ثلاجة الإنتظار» وسيكون الإنتظارالأكبر والأساسي لحل الأزمة السياسية التي ستفتح الطريق أمام انعقاد جلسات مجلس النواب التي يعترض عليها أطراف سياسية أساسية ووازنة تعتبر أنّ الأولوية لدى المجلس هي انتخاب رئيس الجمهورية قبل أي عمل آخر.