كتب مايز عبيد في “نداء الوطن”:
لا يبدو أنّ العام الدراسي الحالي يسير بشكل صحيح نحو تحقيق الأهداف التعليمية المرجوّة، وقد يصحّ القول إنّه انتهى قبل أن يبدأ لكثرة المشاكل التي تعتري السنة الدراسية في كافة قطاعات التعليم الرسمي.
افتتحت السنة الدراسية بوعود غير واضحة المعالم للأساتذة، وبعد ثلاثة أشهر من تعليم وإضراب، أتت عطلة الأعياد وكانت هذه المرّة أطول من كلّ السنوات السابقة. انتهت العطلة أمس لكنّ العودة إلى مقاعد الدراسة لم تكن مكتملة. فعلى صعيد التعليم الثانوي والأساسي والمهني ثمّة ارباك حاصل بين الهيئات التعليمية والروابط وحتى لدى وزارة التربية، الأمر الذي انعكس ضياعاً في صفوف الطلاب الذين حضر بعضهم إلى مقاعدهم الدراسية بينما لم يحضر البعض الآخر.
وفي وقتٍ لم تتوصّل فيه لجان وروابط المعلمين (الملاك والتعاقد) إلى نتائج من خلال اجتماعاتها مع وزير التربية عباس الحلبي بشأن مطالبها من زيادة الروابط والمنح والمساعدات، وجلّ ما توصلوا إليه ما أعلنه الوزير عن تقديم 5$ لكلّ أستاذ كبدل عن كل يوم حضور وتعليم، انتفض عليه أساتذة الشمال من ملاك ومتعاقدين واعتبروا كلامه بمثابة إهانة للأستاذ ولكرامته وضرب حقوقه المشروعة بعرض الحائط.
ليس لدى وزارة التربية أكثر من ذلك لتقدّمه لأنّ الجهات المانحة خفّضت من تقديماتها وهذا كلّ ما تستطيع الوزارة أن تقوم به بحسب وزير التربية. أمّا الأساتذة فيعتبرون «أنّ وعوداً كثيرة لم يفِ بها الوزير الحلبي لا لجهة منحة الـ130$ كحوافز شهرية ولا لجهة بدل النقل وغيرها من المطالب»، أمّا المتعاقدون في التعليم المهني فيؤكدون «أنّ هناك 35% من مستحقّاتهم عن العام 2020 – 2021 لم تُدفع بعد ولم يُرفع أجر الساعة تماشياً مع حجم الزيادة الكبيرة التي يشهدها الدولار في السوق السوداء».
أوضاع المدارس من طرابلس إلى عكّار ومناطق شمالية أخرى لم تكن على حالٍ واحدة. كان الإنقسام واضحاً في صفوف المعلّمين. مدارس وثانويات فتحت أبوابها لنصف دوام أمام من حضر من طلاب وأساتذة بينما أقفل البعض الآخر أبوابه شاهراً سيف الإضراب في وجه الوزير والوزارة. في هذا السياق، شهدت المنطقة التربوية في الشمال – طرابلس صباح أمس اعتصاماً للمعلمين للمطالبة بحقوقهم ورفضهم لـ»إذلال المعلّم في كرامته التي هي بالنسبة إليهم أغلى بكثير من 5$». وأكّدت نسرين شاهين لـ»نداء الوطن» أنّ «لا رجعة إلى المدارس من دون حقوق وحوافز، وأنّ الوزارة تضحك على المعلمين وهناك شكوك بأنّها تشحذ الأموال على اسم الأساتذة وتصرفها في غير مكان ولكن ليس للأساتذة بالطبع، والإعتصام سيستمرّ حتى تحقيق المطالب»، ودعت جميع المعلّمين إلى النزول إلى الشارع والتعبير عن «رفض أداء وزارة التربية التي تعمل على شقّ صفوف المعلمين لتقول إنّ أكثريتهم ترغب بالتعليم لا بالإضراب».
بدوره، قال أحد الأساتذة المشاركين في الإعتصام لـ»نداء الوطن» إنّ «كلام وزير التربية عن الـ 5$ لكلّ أستاذ قد عرض المعلّمين للسخرية أمام تلاميذهم، فطلابي أرسلوا لي أمس رسائل عبر «واتساب» يقولون لي فيها أضرب يا أستاذ ولك منّا 10 دولارات».
وفيما يعيش القطاع التربوي في كل لبنان إرباكاً واسعاً، في ظلّ غياب المعالجات الحقيقية للأزمات التي تعصف به منذ 3 أعوام دراسية، تؤكّد مصادر تربوية لـ»نداء الوطن» أنّ «ليس العام الدراسي وحده مهدّد، بل إنّ مصير القطاع التربوي مهدّد برمته بالإنهيار الشامل، والمرحلة الحالية تحتاج إلى حوار شامل وورش عمل كثيفة بين الوزارة والهيئات التربوية والإتفاق على آليات عمل واضحة للمرحلة المقبلة، لأنّ التحدّي الحاصل بين الوزارة والمعلمين لن يؤدّي إلّا إلى انهيار القطاع أكثر».