22-نوفمبر-2024

كتبت ميريام بلعة في “المركزية”:

القطاع الصناعي كغيره من القطاعات اللبنانية، يواجه الأزمة المالية والاقتصادية في البلاد بما أوتيَ من مقدّرات تمكّنه من الصمود وتؤمِّن له الاستمرارية أقله على المديَين القصير والمتوسّط. لكنه في المقابل يتمايز عن غيره بأن مواده الأوّلية مستثناة من زيادة معدل الدولار الجمركي.

هذا ما أكده رئيس جمعية الصناعيين سليم الزعني لـ”المركزية”، مشيراً إلى أنّ “الصناعة اللبنانية كغيرها من القطاعات الاقتصادية تعاني من الأزمة المستفحلة في البلاد، لكن النقطة الإيجابية في الموضوع أنّها لن تخضع للزيادة الملحوظة على الدولار الجمركي، وفي الوقت عينه إن المصانع اللبنانية جاهزة لتلقف الرسوم والضرائب الواردة في الموازنة وهذا أمر لا مفرّ منه… إنما في مقابل ذلك، استطعنا المحافظة على حقوق الصناعيين والمستهلكين في آن، وتحديداً مستهلكي الصناعة اللبنانية، كي لا تنعكس عليهم كل تلك الرسوم والضرائب”. 

وإذ يشير إلى أن “ضريبة الـ3 في المئة ستطاول كل القطاعات ما عدا القطاع الصناعي”، يلفت الزعني في السياق إلى الضريبة على القيمة المضافة الـTVA “فهي تطاول الصناعة الوطنية بطبيعة الحال، لكننا حالياً نفاوض المسؤولين المعنيين حول كيفية التسديد، إذ كما يتبيّن حالياً أن الصناعيين سيدفعون الضريبة وفق سعر الصرف الجديد الملحوظ في الموازنة وهو 15 ألف ليرة، ومن جهة أخرى سيتقاضون ثمن البضاعة من زبائنهم على سعر صرف 1500 ليرة، الأمر الذي يكبِّد الصناعيين خسائر كبيرة”.

أما ضريبة الـ10 في المئة المفروضة على البضائع المثيلة للبضائع المصنَّعة محلياً، يقول الزعني “فالإنتاج المحلي يملك الطاقة لاستبدال كل البضائع المستوردة أو على الأقل 60 أو 70 في المئة منها في السوق اللبنانية. وهذا الملف يتم درسه بدقة تفادياً لاستغلال الموضوع وحصره بالمصانع التي لديها القدرة على تغطية السوق المحلية”.

ويُضيف: الأهم بالنسبة إلينا، ألا يدفع المستهلك فارق السعر، ونسعى بكل طاقتنا إلى تخفيف تأثير الضرائب والرسوم على المستهلك. فالصناعي يهمّه أن يستهلك المواطن اللبناني الصناعات الوطنية، وبالتالي من مصلحته توفير المنتجات بأسعار أدنى من تلك المستورَدة، كي تكون ضمن قدرته الشرائية.

ويشدد على أن “الصناعيين مجنَّدون للمواجهة بكل ما أوتيهم من طاقة وقوة. لكنهم على تماس يومي مع مشكلة كبيرة تكمن في ارتفاع كلفة المحروقات بشكل ملحوظ “ولا يمكن إلقاء اللوم على أحد، فالأزمة عالمية والارتفاع عالمي بامتياز”، لكنه لم يتردّد في “إلقاء اللوم على المسؤولين اللبنانيين الذين لم يؤمِّنوا التيار الكهربائي بشكل كافٍ، فكلفة الكهرباء التي تؤمّنها الدولة اللبنانية تبقى أقل بكثير من المولدات الكهربائية التي هي استثمار مُلزِم للمصانع وليس من ضمن مهامها، لكنها مُجبرة على تأمين المازوت لولدات المصانع الخاصة بسبب غياب كهرباء الدولة”.

.. صمود لا استغلال

وعما تردّد أن صناعات لبنانية عديدة استفادت من تردّي الأوضاع الاقتصادية المالية، يوضح الزعني هنا أن “أحداً من الصناعيين لم يستغلّ فداحة الوضع على الإطلاق، كما أن أحداً لم يحقق أرباحاً تفوق تلك التي كان يحققها سابقاً. بل استفاد من وجود أسواق لتصريف بضائعه، وأصبح بالتالي قادراً على منافسة البضائع المستورَدة”.

ويتابع: “المصانع التي أقفلت أبوابها هي التي عجزت عن الاستمرار بفعل الخسائر التي مُنيت بها في حمأة انتشار وباء “كورونا” بين عامَي 2020 و2021، أما اليوم فغالبية المصانع لم تستفد من الوضع إنما استطاعت الصمود والاستمرار عبر زيادة إنتاجها كون البضائع اللبنانية أصبحت تنافس البضائع المستوردة وبالتالي كان الظرف سانحاً لها ونجحت في تلقفه لفرض نفسها في السوق المحلية كونها أقل كلفة منها، والدليل أن أسعار المنتجات المصنوعة في لبنان اليوم أدنى بـ30 في المئة على الأقل من الأسعار التي كانت تعتمدها في مرحلة ما قبل الأزمة… هذا العامل شكّل السبب الوحيد لصمود القطاع الصناعي وجَنَّبه المصير الأسود الذي أصاب القطاعات الأخرى كالقطاع التجاري والسياحي والاستشفائي…”.