كتبت لوسي بارسخيان في “نداء الوطن”:
إتّخذت قضية فقدان الطوابع المالية في منطقة البقاع خلال الأسبوع الجاري منحى قضائياً، إثر تكليف النيابة العامة الإستئنافية جهاز أمن الدولة في زحلة وبعلبك التحقيق في الموضوع، وملاحقة المتلاعبين بأسعار الطوابع في السوق السوداء. وبحسب المعلومات، فإنّ جهاز أمن الدولة باشر التحقيقات من خلال إستدعاءات عديدة شملت المكلّفين من وزارة المالية بتأمين هذه الطوابع، وأصحاب المكاتب المجازة ببيعها، بالإضافة الى بعض المخاتير. وجرى التحقّق من كمّيات الطوابع المتوفرة، والكمّيات التي تُباع يومياً، للتأكّد من عدم إخفاء فئاتها، وبالتالي عدم التلاعب بأسعارها.
الهدف من هذه الخطوة وفقاً لمصادر قضائية، هو التأكّد من عدم تعرّض المواطنين للإستغلال، جرّاء حاجتهم الملحّة لإستكمال المعاملات. إلّا أنها لا تحلّ المشكلة الأساسية المتمثّلة في النقص الحاصل بكّميات الطوابع المتوفرة. تحرّك النيابة العامة جاء إثر إرتفاع شكوى المواطنين الأسبوع الماضي ومعاناتهم في الحصول على بعض فئات الطوابع، الأمر الذي فتح السوق أمام تجار الأزمات، وقد باع بعضهم طابعي الألف والخمسة آلاف ليرة بـ17 إلى عشرين ألف ليرة.
ويتحدّث أحد أصحاب المكاتب المجازة عن عمليات بيع تجري تحت أدراج المؤسسات العامة، من دون أن تكون هناك رغبة لدى من إشتروا الطوابع منهم بأن يكشفوا هويّاتهم. وبرأيهم أنه لولا شحّ هذه الطوابع في مكاتبها المرخّصة، لما تجرّأ هؤلاء على بيعها في السوق السوداء.
ووفقاً لبعض أصحاب المكاتب المجازة ببيع الطوابع، فإنّ الكمية التي باتت تسلّم أخيراً في منطقة البقاع، لا تتجاوز نسبة الخمسة بالمئة من الكمّيات التي كانت تصلها سابقاً. وهذا برأيهم ما أدى إلى نشوء نوع آخر من مستغلّي الأزمات، الذين يشترون الطوابع من مكاتبهم ويترصّدون الأزمة ليبيعوها بأسعار مضاعفة. غير أنّ تبريرات أصحاب هذه المكاتب المجازة لا تُقنع المواطنين عموماً، بل يتّهم هؤلاء بعضهم بأنهم يخفونها عمداً، ليبيعوها بدورهم إلى تجار السوق السوداء، وهذا ما طلب القضاء التحقّق منه.
في المقابل، أكّد أصحاب المكاتب المجازة أنّهم ضحايا الأزمة مثلهم مثل المواطنين. وشرح هؤلاء أنّهم نتيجة للشح ّالحاصل في بعض فئات الطوابع لجأوا إلى مقايضتها بفئات أخرى متوفرة مع بعض المواطنين، كأن تستبدل خمسة أو عشرة طوابع مالية من فئة الألف أو ألفي ليرة بطابع أو طابعين من فئة العشرة آلاف ليرة الأكثر توفراً في السوق، مقابل تأمين طوابع الألف وألفيْ ليرة للوصولات والمعاملات الإدارية الرسمية ولا سيّما في الجامعة اللبنانية أو وزارة التربية، ولمعاملات الإدارات التي رفضت اللجوء إلى الإجراء الذي إتّخذه بعضها، وقضى بإستبدال فئات رسوم الطوابع المفقودة بفئات متوفرة، علماً أنّه سواء إستبدلت الطوابع بالفئات المتوفرة أو تمّ شراؤها من سوقها السوداء، فإنّ أكلافها لا توازي الرسوم المحددة رسمياً.
ويشرح أصحاب المكاتب المجازة بالمقابل “أنهم بشرائهم الطوابع بسعرها المحدّد من المواطنين الذين يقايضونهم بها، تخسر مكاتبهم عمولتها المحددة بـ5 بالمئة”. وهذا يبقى صحيحاً إلا متى لجأ بعض المكاتب لبيع هذه الطوابع بأعلى من سعرها، وهذا ما يدخل هذه المكاتب في لعبة السوق السوداء أيضاً. ليبقى المواطن الخاسر الأكبر جرّاء كل هذه الحيل المعتمدة لتأمين الطوابع. هذا المواطن الذي وجد نفسه ضحية تضاعف الرسوم التي تتطلّبها المعاملات، أيا كانت الجهة التي ستستفيد من أرباحها غير الشرعية.