كتب محمد دهشة في “نداء الوطن”:
فشلت المساعي السياسية والتربوية والنقابية في تأمين عام دراسي ناجح منذ انطلاقه، وهو ما زال يترنّح تحت وطأة تداعيات الأزمة الإقتصادية التي أصابت كلّ قطاعات الدولة بما فيها التعليم الرسمي. فالمعلّمون غير قادرين على الاستمرار في التدريس لأنّ رواتبهم لا تكفي أجرة الإنتقال إلى المدارس، بعدما تخلّفت الدولة عن دفع الزيادة التي وعدتهم بها.
تجلّيات الأزمة ظهرت بوضوح في الإضراب التحذيري ليوم واحد الذي أعلنه مديرو ومعلّمو المدارس الرسمية في صيدا وجوارها وقد وصفوه بـ»التعطيل قسراً» بسبب الظروف الإقتصادية الصعبة التي يمرّ بها الجميع، لا سيّما المعلّمين الذين يجدون أنفسهم عاجزين عن الحضور إلى مراكز عملهم، أو تحمّل كلفة النقل فضلاً عن تأمين أبسط حقوقهم الإنسانية.
وقالت أوساط تربوية «إنّ التعطيل القسري هو بمثابة ناقوس خطر للأسوأ القادم، بل هو صوت المعاناة علّه يصل إلى من يعنيهم الأمر»، مشيرة إلى أنّ «رابطة التعليم الأساسي في لبنان أبلغت المعلّمين بإمكانية عدم حضورهم الى مدارسهم ثلاثة أيام في الأسبوع (الإثنين والثلاثاء والأربعاء) بسبب كلفة أجرة النقل، ولكنّهم فضّلوا المضيّ قدماً في التحذير وصولاً إلى التعطيل القسري ثلاثة أيام ثم الإضراب المفتوح حتى تستجيب وزارة التربية والتعليم لمطالبهم المحقّة».
وعُلم أنّ قرار التعطيل ليوم واحد اتّخذ بعد تشاور بين مديري مدارس صيدا الذين إتفقوا على إصدار بيان تفادياً لحصول أي إرباك بين المدارس نفسها من جهة، ومع الطلاب من جهة أخرى، وصولاً إلى توفير دفع أجرة نقل على ذويهم من دون أن يتعلّموا، والخطوة التالية تتّجه نحو التعطيل مجدداً ليوم واحد ثم لثلاثة أيام.
وفيما إلتزمت مدارس صيدا ومنطقتها بالتعطيل، أقفلت الصفوف وغاب المعلّمون وحضر المديرون وبعض أفراد الهيئة الإدارية ولازم الطلاب منازلهم.
ويقول رئيس رابطة معلّمي التعليم الأساسي في لبنان حسين جواد لـ»نداء الوطن»: «يجب التمييز بين الإضراب الذي يكون عاماً وشاملاً وبين التوقّف القسري وسببه عدم قدرة الأساتذة على الوصول إلى مدارسهم، لأنهم تقاضوا هذا الشهر راتباً واحداً يتراوح بين مليون و800 ألف كحد أدنى ومليونين و800 ألف كحد أقصى. وأمام هذا الواقع وعدم القدرة على الوصول إلى المدارس قرّرنا التوقف القسري لأننا غير قادرين على تحمّل دفع أجرة التنقّل، والتوقف القسري هو بمثابة رسالة واضحة إلى المسؤولين بأننا لا نريد إقفال المدارس، بل نريد الوصول اليها، عبر الاستجابة لمطالبنا المحقّة وأولى خطواتها دفع متأخّرات بدل النقل كما وُعدنا يوم الأربعاء المقبل بحيث يتقاضى كلّ أستاذ نحو أربعة ملايين ليرة ما يمكّنهم من الوصول إلى مدارسهم».
وأوضح جواد «أنّ دفع ثلاثة رواتب (أي دفع الراتب مضاعفاً ثلاث مرّات) بحدّ ذاته لا يكفي للحضور إلى المدارس أربعة أيام أسبوعياً نحن بحاجة الى حوافز متمّمة لذلك، وهي ما أعلن عنها وزير التربية والتعليم العالي الدكتور عباس الحلبي ومقدارها 130 دولاراً أميركياً، وإذا لم تكن هناك حوافز فيجب أن يُعاد النظر بأيام الدوام ما يعني أننا ذاهبون إلى تقييم جديد وسننتظر 15 يوماً مهلة الوزير الحلبي وإلّا ليقل كلمته ويعلن أنّه غير قادر على دفع الحوافز إلا لأشهر قليلة، وعندها على روابط التعليم الأساسي والثانوي والمهني تحديد موقفها وما إذا كانت لديها القدرة على الاستمرار أم لا وتقليص أيام التدريس».