شارك لبنان في الدورة الـ٣٥ العادية لمجلس وزراء النقل العرب في الاسكندرية، ممثلا بوزير الأشغال العامة والنقل في حكومة تصريف الاعمال علي حمية، بحضور وفود من 19 دولة عربية ممثلة بالوزراء المعنيين بشؤون النقل والمواصلات، وممثلين (بصفة مراقب) عن المنظمات والاتحادات العربية والدولية العاملة في مجال النقل، إضافة إلى وفد الأمانة العامة لجامعة الدول العربية.
وقد أقر المجلس توصيتين مهمتين جاءتا في كلمة الوزير حمية أثناء الاجتماع، الأولى تتعلق بفلسطين وكيفية دعمها في تخفيف آثار العدوان الإسرائيلي عليها، وذلك عبر تبني فكرة تشكيل خلية عمل مؤلفة من لبنان ومجموعة من الدول العربية الأخرى، للتنسيق مع وزارة النقل بدولة فلسطين لوضع كافة الخبرات والطاقات والإمكانات لدى وزارات النقل العربية في خدمة الشعب الفلسطيني ، أما الثانية فتعنى بطرح قدمه حميه أمام المجتمعين، يتعلق بإعداد دراسة تتشارك فيها الدول العربية جمعاء، تشتمل على دراسة وضعية واقع قطاع الموانئ والمرافئ العربية، ولا سيما لناحية حجمها وسعتها وقدراتها الاستيعابية ومدى إمكانية تطويرها وربطها ببعضها البعض.
واستهل حمية كلمته بشكر “جمهورية مصر العربية وقيادتها بشخص رئيس الجمهورية عبد الفتاح السيسي، ووزير النقل الفريق المهندس كامل عبد الهادي فرج الوزير والإكاديمية العربية للعلوم والتكنولوجيا والنقل البحري بشخص رئيسها الدكتور اسماعيل عبد الغفار على الإستضافة وحسن الوفادة والإستقبال لافتتاح دورة مجلس وزراء النقل العرب ومكتبه التنفيذي في الاسكندرية”.
وقال: “من هنا، من على أرض الكنانة في مصر الشقيقة، ها نحن نلتقي مجددا لبحث قضايانا المشتركة، ولنؤكد معا، أن سبيلنا، هو في جمع مبادراتنا ولم طاقاتنا، وخصوصا أننا في خضم عالم تتسارع خطى الصراعات بين تكتلاته وتتآزر تحالفاته”.
أضاف: “من لبنان أتيت، من وطني العصي على الموت، المصمم على الصمود في وجه أعتى المآسي التي مرت عليه، من بيروت، من وليدة مرفئها، الذي تمزقت أشلاؤه في الإنفجار- المأساة في الرابع من آب من العام 2020، ولكن، وعلى الرغم من ذلك، فإن قرارَنا وإصرارَنا كان تفعيلُ العمل فيه وإعادة إعماره، والذي كان بمثابة التحدي الذي وضعناه نصب أعيننا، كقرار لا تراجع عنه، ومهما كانت التحديات. أنا هنا اليوم، أحمل معي رسالة طمأنة لكل محب للبنان، ولمرفأ بيروت على وجه التحديد، بأن التفعيل قد أنجزناه وبكل إرادة وتصميم، وعوائد ذلك قد بدأت بالظهور، الأمر الذي انعكس إيجابا على مسار إطلاق خطة إعادة إعماره، والتي تسير بخطى ثابتة ومتقدمة، وفق خطة محكمة يراعى فيها مبدأي الإستثمارالأمثل والمنافسة على قاعدة التخصص، وذلك عبر إدخال القطاع الخاص وتنظيم الشراكة معه، فنحن وبكل شفافية أعلناها سابقا ونعيدها اليوم، بأننا لن نترك إعادة إعمار المرفأ رهينة لأية تجاذبات لمبادرات الخارج أو الداخل، فإيرادات المرفأ بعد تفعيله أضحت قادرة على البدء بها، ولكن مع تأكيدنا الراسخ على انفتاحنا مجددا على كل المبادرات الشقيقة والصديقة في المشاركة في الإستثمار بذلك، وخصوصا بأننا أعددنا الإطار القانوني الجديد لقطاع المرافئ والموانئ، والذي يرعى الشركة بين القطاعين العام والخاص، مع الحفاظ على مبدأ سيادة الدولة على أصولها. وفي هذا الإطار، عملنا في وزارة الأشغال العامة والنقل أيضا على إعداد رؤية استرايجية لدور ومهام المرافئ اللبنانية كافة، وذلك ضمن رؤية تخصصية، لجعلها مرافئ متكاملة قادرة على منافسة أقرانها في المنطقة”.
ثم تطرق إلى التحولات على صعيد العالم، فقال: “التحولات تتسارع في العالم، وعلى الأصعدة كافة، والتنافس على مصادر الطاقة من نفط وغاز سيزداد يوما بعد يوم، والذي يحتم علينا في لبنان بأن نجعل بنيتنا التحتية من مرافئ ونقل بحري عندنا، على أهبة الاستعداد وعلى كافة الأصعدة لتجهيزها، وذلك ضمن خطة مدروسة يتم وضعها بعناية لمجاراة كل ذلك، وفي هذا السياق أيضا، فإننا نؤكد بأننا منفتحون على كافة الإستثمارات من الأصدقاء والأشقاء للمساهمة في هذا المشروع الحيوي، هذا فضلا عن أننا نطمح ونعمل على أن تكون مرافئنا اللبنانية مترابطة بعضها مع بعض، وذلك عبر إحياء مشروع الربط السككي في ما بينها، وصولا إلى اليوم الذي يفترض أن نتطلع إليه جميعا كمسؤولين أشقاء، بأن يتم الربط بين مرافئنا العربية جميعها، كي يصار إلى تعزيز مكانتها على خارطة خطوط الربط الدولي ومن كل الدول الصديقة في العالم ، وهذا كله بلا شك سيصب حتما في تعزيز التنمية المستدامة التي نطمح إليها جميعا”.
وأشاد حمية في كلمته بوضع فلسطين على رأس بنود جدول أعمال المجلس، قائلا في هذا الإطار: “ليس مستغربا أبدا على مجلسكم الكريم، بأن نفتتح بنود جدول أعمالنا، بمن عندها البداية والنهاية على الدوام، بمن هي البوصلة والقبلة في آن، بمن لم تغب قضيتها عن قلوبنا وعقولنا معا، بمن لم يزل جرحها النازف ينزف دما من عروق أبنائها منذ ما يزيد عن السبعين ونيف من الأعوام، إنها فلسطين أصل الحكاية. وانطلاقا من حرصنا على تسييل الدعم وتعزيز الصمود الذي نتبناه لفلسطين، نقترح على مجلسكم الكريم، بأن يصار إلى التوصية بتشكيل خلية عمل من وفود الدول المشاركة، تضع وبالتنسيق مع وزارة النقل الفلسطينية، كافة الخبرات والطاقات والإمكانات لدى وزارات النقل العربية في خدمة الشعب الفلسطيني والنهوض بمرافقه الحيوية، وهذا الأمر بإعتقادنا، هو مصداق عملي في دعم عملية الصمود التي نتحدث عنها، وهو يساهم وبكل تأكيد بتجذير المواطن الفلسطيني في أرضه، والإرتقاء باقتصاده وتنشيط عجلته، مما يدفع بتيئيس الإحتلال من خططه العدوانية ومحاولاته الدائمة لتيئيس المواطن الفلسطيني من قراره الأبدي في التشبث بأرضه”.
أضاف: “إن المواضيع المدرجة على جدول الأعمال في مجالات النقل البري والبحري، هي مواضيع تستدعي منا أن تكون لدينا رؤية استراتيجية لواقع قطاع النقل بين دولنا العربية من جهة، وللواقع والرؤية الإستراتيجية التي يفترض تبنيها في ما يتعلق بقطاع المرافئ تحديدا والأهمية التي نوليها للربط بينها، وإيجاد الوسائل التي تعزز تكاملها، الأمر الذي يجعلها تأخذ دورها الرائد الذي تستحق”.
ثم عرّج حمية في كلمته إلى الشق الثاني من طرحه، لافتا إلى أنه كان قد استعرضه بالأمس أثناء لقائه مع أمين عام الجامعة العربية أحمد ابو الغيط ، والذي يتمحور حول “ضرورة العمل على اعداد دراسة تتشارك فيها الدول العربية جمعاء، يشتمل بداية على دراسة وضعية واقع قطاع الموانئ والمرافئ العربية، ولا سيما لناحية حجمها وسعتها وقدراتها الاستعابية ومدى إمكانية تطويرها وربطها ببعضها البعض، وذلك بغية الافادة من موقعها الجغرافي المتميز على خارطة خطوط النقل البحري الدولية، كتمهيد للعمل المشترك على تطويرها وجعلها مؤهلة لتحقيق المصالح العربية في هذا المجال”.
وختم حمية كلامه متوجهاً إلى المجتمعين: “رسالتنا اليوم، هي رسالة أمل لشعوبنا وأمتنا، مفادها أننا قادرون على إحياء العمل العربي المشترك، ولتسييله في خدمة قضايانا المركزية، فنحن بالإرادة إن شاء الله قادرون على مجاراة كل تطور يحدث على صعيد النقل، وكل القطاعات الأخرى التي نعنى بها”.