23-نوفمبر-2024

كتبت أنديرا مطر في “القبس”:

مرة كل أربع سنوات، يأخذ اللبنانيون استراحة من المناكفات السياسية الحزبية والطائفية، لينصرفوا الى متابعة مباريات كأس العالم في كرة القدم، بالحماسة والحدة نفسيهما، وانما بفارق وحيد، هو ان التظاهرة الرياضية العالمية هذه، قد تكون الأمر الوحيد القادر على ازاحة اللبناني، موقتاً، عن خيارات زعيمه «الكروية».

قبل ساعات من اطلاق صافرة البداية لمونديال قطر 2022، اشتعلت مواقع التواصل الاجتماعي بمنشورات وصور وأعلام المنتخبات المشاركة، فيما خفتت مظاهر التأييد على أرض الواقع عن السنوات الماضية، حين كانت ترتفع الاعلام والصور العملاقة على أسطح وشرفات المنازل، وتسير مواكب سيّارة في الشوارع هاتفة لمنتخب بعينه في مواكب أشبه بالجولات الانتخابية.

لكن متابعة المونديال في البلد المحاصر بأزمات متعددة أصبحت هي الأخرى امتيازاً لمن استطاع إليها سبيلا، خصوصا بعد تعثر تأمين نقل المباريات عبر شاشة التلفزيون الرسمي (البث الأرضي لتلفزيون لبنان) بصورة مجانية. فوزير الإعلام زياد المكاري طرح مع الجهات المعنية بنقل المباريات «الحصول على حق البث مجاناً، إلا أن طلبه قوبل بالرفض، ليبدأ التفاوض على مبلغ مالي بملايين الدولارات» لم تستطع الدولة الى اليوم تأمينه.

المقاهي جاهزة

سيتجه عشاق كرة القدم حتماً الى الاشتراك عبر الوكلاء المعتمدين للشركات الناقلة. ووفق أحد الوكلاء فإن «البدل المترتب على الاشتراك يبلغ حوالي 90 دولاراً، ما يعادل وفق سعر الصرف الحالي نحو 3 ملايين و600 ألف ليرة»، وهو مبلغ يفوق راتب موظف في القطاع العام. وحسب الوكيل نفسه، تدنت نسبة المشتركين في بيروت من 90% قبل سنوات الى 30 % اليوم.

ضعف الاقبال على الاشتراك ليس لسبب مادي فقط، فهناك مشكلة انقطاع التيار الكهربائي، الذي لا يقتصر على مؤسسة كهرباء لبنان وانما يطول المولدات الخاصة، التي خفض أصحابها ساعات التغذية بعد ارتفاع أسعار المحروقات.

وامام هذا الواقع، لا يبقى امام الطامحين لمتابعة كأس العالم سوى التوجه الى المطاعم والمقاهي، التي أعدت العدة ونصبت الشاشات على جاري عادتها في الموسم الكروي.

حلم «أرض الملعب» تبخَّر

حين أُعلن عن استضافة قطر لكأس العالم، منّى كثير من اللبنانيين النفس بمتابعة بالمباريات من أرض الملعب، ثم تبخرت الاحلام مع تبخر الودائع في المصارف. اليوم، أصبح طموح اللبنانيين أن يتمكنوا من متابعة المباريات مجانا، خصوصا أن الغالبية غير قادرة على تأمين الاشتراك، وهي حتما غير قادرة على ارتياد المطاعم والمقاهي في ظل الازمة التي تعصف بالبلاد، «من هنا لن يكون أمامهم سوى اللجوء الى الكابلات غير المرخصة، التي تكلف نحو 10 دولارات، وتحمل معاناة رداءة الصورة وتقطُّع البث».