كتبت لارا يزبك في “المركزية”:
في موقف عربي واضح ومفصّل من الازمة الرئاسية اللبنانية، يتخطى مجرد الحث على اجراء الانتخابات، شدد السفير المصري ياسر علوي على أهمية استكمال الاستحقاقات الدستورية وإعادة استكمال تكوين السلطة السياسية في لبنان لانتخاب رئيس للجمهورية فورا وتشكيل حكومة وبدء ورشة عمل يحتاج إليها لبنان بشكل حاد. وأضاف إثر زيارته البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي في بكركي امس “لا يليق بشعب لبنان العظيم أن يستمر الفراغ كأن لا يوجد بينه رئيس يتم التوافق عليه للقيام بالبلد. الاستحقاق الرئاسي يحتاج إلى الانتقال من مرحلة التفاوض بالتلميح الى مرحلة التفاوض المباشر بين البرلمان”. وقال “آن الأوان أن تتحاور هذه الكتل على المكشوف وتكشف أوراقها وتبدأ بالتفاوض الجدي لإنتاج الرئيس الذي يليق بهذا البلد ويبني الجسور مع الدول”.
السفير المصري وضع الاصبع على الجرح، وفق ما تقول مصادر دبلوماسية لـ”المركزية”، وهو انتقد، وإن في شكل غير مباشر، وبـ”دبلوماسية”، الضبابيةَ التي تلف الاستحقاق والرماديةَ التي تطبع تعاطي القوى السياسية المحلية معه. فمطالبته بكشف الاوراق وبالتفاوض الجدي، لم يأتيا من عدم، وما كانا ليصدرا لو كانت ثمة منافسة جدية حقيقية تحصل اليوم تحت قبة البرلمان، بين مرشحَين واضحَي المعالم والاسماء.
لكن حتى الساعة، هناك مرشّح واحد اسمه ميشال معوّض يخوض سباقا ضد “الورقة البيضاء” في ساحة النجمة، بينما طرقُ التواصل والتشاور بين أصحاب هذين “الطرحين”، مقطوعة، على وقع توالي فصول الجلسات الانتخابية العقيمة التي ستسجّل جولة جديدة غدا في مجلس النواب.
وفق المصادر، مصر قدّمت نصيحة للبنانيين على لسان علوي امس، شأنها شأن الفرنسيين وعواصم العالم المهتمة بلبنان، غير انها كلّها لم تتخط بعد، في متابعتها للواقع الداخلي، حدّ النصح الأخوي، من باب حرصها على لبنان وخوفها عليه وعلى ناسه.
غير ان اي مبادرة فعلية لكسر المراوحة السلبية القائمة، لم تنضج بعد. ثمة ما يُطبخ من قبل فرنسا في الكواليس، وربما تنضم اليها مصر وجامعة الدول العربية في مرحلة مقبلة، لكن لا شيء ملموسا على هذا الصعيد في المدى المنظور. هذه الدول، تتابع المصادر، ستبقى تتحرك في الكواليس، بدفع فرنسي، لمحاولة التوصل الى صيغة ما، توصل رئيسا يُجمع عليه اللاعبون الاقليميون والمحليون، الى بعبدا. الا انها راهنا، غير مستعجلة، وتضع الطابة في ملعب القوى الداخلية لتتفق في ما بينها على مخرج ما. لكن اذا فشلت – وهي ستفشل – وعندما يقترب لبنان من الانفجار الاجتماعي او المالي او الامني، هذه العواصم ستتدخل لتفرض الحل، الا ان الاخطر هو انها قد تتفرّج علينا ننهار، خصوصاً إذا كانت الرئاسة تحوّلت ورقة في الكباش الايراني – السعودي – الغربي، تختم المصادر.