كتب أنطون الفتى في وكالة “أخبار اليوم”:
بمعزل عن بعض الدّعوات الى مؤتمر دولي مُحدَّد الأهداف، يُحافظ على هوية لبنان التي عرفها خلال العقود الماضية، ويُساهم بتحييده عن مشاكل المنطقة.
وبمعزل عن مخاوف البعض، من أي حديث عن مؤتمر، قد يُلبّي تطلّعات البعض الى “تأسيس” جديد في البلد، يُصارع لبنان “وجوده”، ومستقبله، بين مجموعة من الطوائف، يريد بعضها الاحتفاظ بما لديه حالياً خوفاً من فقدانه، فيما تسعى أخرى الى توسيع نفوذها وسيطرتها، داخل الدولة اللبنانية، وفي سلطاتها، وبما يخفّف من نفوذ وحضور غيرها.
ولكن مهما تعدّدت الأهداف والنيات والأفكار، إلا أن القاسم المُشترك بين الجميع، هو أن المُنطَلَقات التي تعتمدها كل طائفة من الطوائف اللبنانية، للمطالبة أو لعَدَم المطالبة بمؤتمر جديد، أو بـ”تأسيس” جديد للبنان، باتت تحتاج الى تعريف جديد، والى فَهْم جديد، ومنها “حياد لبنان”، واتّفاق “الطائف”، و”المقاومة”. وهي عبارات، تفهمها كل فئة لبنانية وفق قاموسها الخاصّ، وبما بات يحتاج الى تحديثات كثيرة.
هذا فضلاً عن أنه، سواء بمؤتمر دولي أو تأسيسي للبنان، أو من دونه، فإن أي مكوّن من المكوّنات اللبنانية، لن ينجح في القضم من الحصص الحالية لباقي الأفرقاء في البلد، بدعم دولي غربي أو شرقي، مجاناً. فالدول تبني سياساتها وتحالفاتها مع الدول الأخرى، أو مع الأطراف المحليّة في أي دولة، على المصالح، وهو ما يعني أن إمكانيّة توسيع حصّة أي فريق لبناني في السلطة مستقبلاً، على حساب غيره، لن تكون مجّانيّة، ولا العالم المثالي الافتراضي، الكامن في فكر بعض من في بلادنا.
شدّد مصدر مُطَّلِع على أن “عَقْد أي مؤتمر من أجل لبنان، ومستقبله، لا يُمكنه أن يتجاهل واقع أن اللبنانيين لن يكونوا وحدهم حول طاولته، بل ان أكثر من طرف إقليمي ودولي سيُفاوض الى جانبهم، وحتى بالنّيابة عنهم في كثير من الأحيان”.
وأسف في حديث لوكالة “أخبار اليوم” لأن “كثيراً من الناس يظنّون أن الغرب أو الدول الصّديقة للبنان، داعمة له دائماً، وفي كل المراحل. بينما الواقع هي أنها داعمة لنا، إذا كانت مصالحها تتطلّب ذلك”.
ودعا المصدر الى “التمعُّن بمصالح الإدارة الأميركية الحاليّة، التي لديها أولوية أساسية، وهي كيفيّة مواجهة روسيا في أوكرانيا عسكرياً، و(مواجهة) الصين اقتصادياً. فيما تتمحور المصالح الأوروبيّة والفرنسيّة أخيراً، حول كل ما يتعلّق بمستقبل أوروبا. وتبعاً لذلك، نجد أن لبنان ليس أولوية لدى أحد، وهو متروك لتدبير أموره على قدر المُستطاع، في ظلّ طبقة سياسية فاسدة”.
وأضاف: “أما الدول العربية، فلا شيء يُفيد بأن لبنان أولوية لديها. ورغم الحديث عن اتّفاق “الطائف” بكثرة، إلا أن مصالح بعض الدول العربية وتحالفاتها، ما عادت تتلاقى مع طموحات اللبنانيين الأحرار. وبالتالي، من المُمكن تصنيف بعض الدول على أساس أنها صديقة للبنان، ولكن خلال مرحلة معيّنة، إذ قد تقتضي مصالحها أن لا تكون كذلك في مراحل أخرى”.
وختم: “نحن في وضع صعب جدّاً الآن. ولا بدّ من توحيد أنفسنا حول خريطة طريق واضحة، بين دول وتحالفات وتضارب أو تلاقي مصالح خارجية واضحة، وذلك بدلاً من الدّخول في دهاليز لن تنفع لبنان، بل ربما بعض المصالح الخاصّة فيه”.