26-أبريل-2024

كتب جو متني:

“نفقا المطار” أو “نفقا الموت” بسبب الظلام القاتل بداخلهما. لم تستطع جهة رسميّة حكوميّة واحدة حتى الآن انارتهما. من النور الى العتمة المخيفة التي تعمي البصر والبصيرة في سحر ساحر. كأنك تعبر من الموت إلى المطهر أو الحياة الأبدية أو الى جهنم. لم تكلّف وزارة أو هيئة أو بلدية نفسها الاعلان عن “أُبوّتِها” لهما، ولا حتى تبنّي “الولدين اللقيطيْن”.

منهما يعبر المواطن المسؤول والعادي إلى الشوف والجنوب. تمرّ يومياً على هذا الطريق عشرات آلاف السيارات والباصات والشاحنات والآليات العسكرية وتلك التابعة لقوات الأمم المتحدة لحفظ السلام (يونيفيل). ولا من يسأل عن شعبه. أقوى الزعماء والوزراء والنواب والمحافظين والقادة العسكريين في لبنان يعبرون في هذين النفقين المعشعش فيهما الظلام كأنه فيلم رعب. يتنفّس العابر الصعداء لمّا يخرج منهما ويحمد الله على بقائه حياً وسيارته سالمة.
عجز الدولة كبير إلى حدّ لم يعد اللبناني يطالبها بتأمين الأمور الطبيعيّة ومستلزمات الحياة الضرورية والبنى التحتية من مياه وكهرباء واتصالات وانترنت وخليوي. أصبح معتاداً، من دون أن يسمح للقهر الذي تمارسه الدولة بأن يتغلّب عليه. متّكل على نفسه بادارة أموره. هو أقام كياناً دولتيّاً مصغّراً على حجمه يغنيه قدر المستطاع عن الاحتكاك بالدولة وأجهزتها.
ومع ذلك، فإنه يسأل بأسى ولوعة وليس بتعجّب، هل وصل العجز الرسمي الى حدّ عدم القدرة على انارة نفقَين بطول مئتي أو ثلاثمائة متر. لو تتطلّب الأمر العمل في الهرمل أو عكار أو آخر قرية في الجنوب، لكان العتب اضمحل سريعاً كون الحرمان ضارباً هذه المناطق ولا زال منذ قيامة دولة لبنان.

لكن المسألة في قلب العاصمة التي أعاد الشهيد رفيق الحريري بناءها واعمارها. على باب المطار، ومدخل سوليدير والسرايا الكبيرة والـcentre ville أو الـ downtown كما كان يحلو له أن يسمّي “حلمه” الذي دفع حياته ثمناً له.
هذان النفقان يقعان تحديداً بمحاذاة مطار بيروت الدولي. على يمينهما ويسارهما المدارج التي تهبط عليها الطائرات. لكنّ السؤال المُحيِّر إلى أيّ ادارة تابعان: وزارة الأشغال العامة والنقل؟ مجلس الانماء والاعمار؟ بلديّة برج البراجنة أو بلدية الشويفات؟؟ أو…
اقتراح بسيط في ظل هذا الواقع المزري، لكنه قد يكون كفيلاً بمعالجة هذه المشكلة، فلماذا لا تتمّ اضاءتهما عبر مدّ كابل من المطار. مع العلم ان مبادرة أخرى طُرحت على أصحاب المصانع الموجودة في الجهة الشرقيّة للمطار والنفقين، أي في منطقة الشويفات، ويقضي الاقتراح بقيام القطاع الصناعي بمبادرة انقاذيّة وتنمويّة وسلامة مروريّة وعامة في إطار مسؤوليّتها المجتمعيّة كما تنصّ عليه المواصفات التي تحدّدها منظمة الـ ISO العالميّة. اشارة إلى أنه يُطلب من الحائز على شهادة الـ ISO تمويل نشاطات اجتماعيّة أو تربويّة أو رياضيّة في محيط مؤسّسته الصناعيّة والانتاجيّة.

وفي اتّصالات مع عدد منهم، توالت الردود بين الترحيب والتحفّظ والتردّد والرفض. بين المرحّبين، من رأى الفكرة جيّدة تحتاج إلى المزيد من الدرس، خصوصاً على صعيد معرفة الجهة التي ستتولّى حماية الكابل من التعدّيات.
بعد طرح حلّين لإنارة المرفقَين سواء عبر المطار أو عبر القطاع الخاص، هل من يقرأ في الدولة ويحاول متابعة هذه الاقتراحات ويحوّلها الى حلول عملية غير مكلفة بتاتاً لكنّها تحتاج الى قرار؟