22-نوفمبر-2024

كتب أسعد بشارة في “نداء الوطن”:

قد يكون من الظلم مساءلة من لا يملك القرار ولا المعلومات، ومن ليس من صلاحياته إلا إصدار بيانات التنديد، التي إذا ما أراد لها أن تكون اكثر طموحاً، تصدر على شكل إعطاء حقائق مموّهة وغامضة، لكن يبقى أن في الأمر خوفاً أو خشية، أو استقراء مسبقاً لما يمكن أن يقوله أو لا يقوله.

تنطبق هذه المعادلة على رئيس الحكومة نجيب ميقاتي، وعلى كل رئيس حكومة ارتضى لنفسه أن يكون الناطق الرسمي، لدولة حزب الله، التي هي أرض لمحور، وجزء من توحيد الساحات، والتي لن تكون يوماً دولة يصحّ فيها وصف الدولة.

يقول الرئيس ميقاتي أن من أطلق الصواريخ جهة غير منظمة، أي أفراد غير لبنانيين، في تلميح إلى أنّهم فلسطينيون أو سوريون. إلى الآن، هناك ما يشفع لهذا الغموض الذي يتوسل قول الحقيقة، لكن ما لا يشفع له، لا بل ما يدينه، هو تحوّل موقع رئاسة الحكومة، إلى ما يشبه المراقب المتخصص، بإحصاء الخسائر والتأسّف لهول الأحداث.

نعم قد يكون من الظلم أن يحاكم من لا يملك القرار ولا المعلومات، لكن من الإنصاف، مساءلة من ارتضى تبوّء الموقع بدون أن يمتلك الحد الأدنى من القدرة على ممارسة اي سلطة فعلية. من هذه الزاوية قد يكون من المفيد سؤال رئيس الحكومة، والوزراء المعنيين، عن شعورهم وهم يشاهدون اجتماع نصرالله – هنية، الذي واكب إطلاق الصواريخ، في ترجمة حرفية لمعادلة تضامن الساحات، التي تعني تضييق هامش ما تبقى من سيادة للبنان على أرضه وحدوده المستباحة.

من هذه الزاوية أيضاً، قد يكون من المفيد سؤال رئيس الحكومة، عن سبب عدم قدرته على إكمال مهمّة الغموض في التصريح، باتّجاه المزيد من الوضوح، فمن هم هؤلاء يا دولة الرئيس، الذين وفي نزهة آمنة، وأمام أعين القوى الأمنية والعسكرية، أطلقوا أكثر من ثلاثين صاروخاً، ثمّ انسحبوا بهدوء المطمئن إلى أنّهم أسياد الأرض، وهجعوا إلى مآويهم من دون قلق، استعداداً لكي يقوموا هم انفسهم، بجولة جديدة تطلق بتوقيت طهران.

من هم هؤلاء الذين يستطيعون التجوّل بعشرات الصواريخ جنوبي الليطاني، حيث تمارس قوّات الطوارئ الدولية مهمّاتها النظرية الممنوعة من التنفيذ، لأن الأهالي بانتظارها في سهل القليلة، وفي كل بقعة من الجنوب، وصولاً إلى الخط الأزرق.

لقد تابع العالم هذه الأزمة، التي أكدت أن لبنان هو وجهة نظر في محور الممانعة، وهو ساحة واختبار، غير مأسوف على ما يمكن أن يلحق به من أضرار. وتابع العالم رئيساً للحكومة، كان سبق قبل تولّيه منصبه، أن أعطى كل الوعود البرّاقة والضمانات إيّاها، التي يسعى محور الممانعة، لتزويدها لمرشحه الرئاسي.

ما على الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، الذي يعرف هشاشة الضمانات، خصوصاً التي تصدر عن محور طهران، إلا أن ينظر بعين ثاقبة لستّ سنوات إلى الأمام، ويمكنه إذ ذاك أن يتأكد ان خيار تسليم لبنان لهذا المحور، سيكون بمثابة قنبلة معدّة للإنفجار وأضرارها ستمتدّ من لبنان إلى كل المنطقة.