أكّد رئيس حزب “القوّات اللبنانيّة” سمير جعجع أننا “مستمرون بالقيام بما نقوم به في ما خص جلسة انتخاب رئيس الجمهوريّة العتيد غداً، وهو وضع كل قوّتنا لإتمام هذه الإنتخابات في المهلة الدستوريّة. وفي هذا الإطار يجب ألا ننسى ان الفترة المتبقية لنهاية ولاية الرئيس ميشال عون هي 11 يوماً وبالتالي من المفترض أن تقوم الأفرقاء كافة بتحديد مواقفها لنتمكن من الوصول إلى إتمام هذا الاستحقاق”.
ولفت جعجع عبر إذاعة “لبنان الحر”، إلى أن “حزب القوّات اللبنانيّة منذ اللحظة الأولى حدد موقفه وطرح مرشحه وتمكنا حتى الآن من أن نجمع له ثلثي أصوات المعارضة على الأقل، ولكن للأسف الفريق الآخر، أي فريق الممانعة، لا مرشح له حتى الآن وليس هناك ما يدل في الأفق على أنه سيكون له مرشح لا بل بالعكس يبدو أنه سيكمل على المنوال نفسه في تعطيل جلسات انتخاب رئيس الجمهوريّة تحت ذريعة “أن التوافق لم يتم” وهذا بالطبع ذريعة لا أكثر ولا أقل باعتبار أن المسألة هي انتخاب رئيس جمهوريّة وليس التوافق حول رئيس الجمهوريّة”.
واذ استغرب “دعوة فريق الممانعة إلى التوافق في انتخابات رئاسة الجمهوريّة”، سأل: “من هو هذا الرئيس التوافقي الذي تريدونه؟ من هو مرشحكم؟ نحن طرحنا من هو مرشحنا للرئاسة، إلا انه حتى هذه اللحظة لا مرشح لديكم، من هنا الذي يمكنني قوله في هذا السياق هو أن محور الممانعة بما لديه من أصوات في مجلس النواب، 60 أو 61 صوتاً، سيستمر في تعطيل جلسات انتخاب رئيس الجمهوريّة العتيد حتى اشعار آخر وسيكون بالتالي هو المسؤول بالدرجة الأولى عن اي فراغ رئاسي ينشأ بعد 31 تشرين الأول الجاري”.
وقال: “الرئيس التوافقي بالنسبة لهم هو الذي يترك الأزمة المستمرّة منذ ما يزيد عن ثلاث سنوات على ما هي عليه، وطيلة هذه الفترة كان رئيس الجمهوريّة من فريقهم السياسي كما أن جميع الحكومات التي تشكلّت كانت تابعة لهم، ولم يفعلوا شيئاً خلال الثلاث سنوات الماضية بالرغم من خطورة الازمة. لذا الرئيس التوافقي الذي يدعون الى التوافق عليه هو الرئيس الذي يكمل المسيرة عينها، وإلا ليطرحوا اسمه علانية كي نرى لربما كنت أنا المخطئ بتصوّري، لأنه بالنسبة لي، إلا إذا ما طرحوا العكس، فهذا الرئيس التوافقي الذي يتكلمون عنه سيكون ضعيفاً ركيكاً لا لون ولا طعم ولا رائحة له وبالطبع هذا النوع من الرؤساء لن يشكل حلاً للأزمة الكبيرة التي نمر فيها”.
وجدد جعجع التأكيد أن “محور الممانعة، أي حزب الله والتيار الوطني الحر وحلفاءهما، يتحملون مسؤوليّة الفراغ الرئاسي انطلاقاً من تعطيلهم في كل مرّة الإنتخابات الرئاسيّة”، وقال: “بالإضافة إلى هذا الأمر، هناك أيضاً أطراف في المعارضة أو محسوبون عليها لا يتقدمون ولا يتراجعون، كما لا يطرحون مرشحهم ولا يؤيدون المرشح الذي تؤيده أكثريّة الثلثين في المعارضة، وإن شاء الله في جلسة الغد سيكون العدد المؤيد له أكبر، إذا هذا الأداء الذي نتكلم عنه لبعض أطراف المعارضة يساهم في مكان ما بتعطيل انتخابات رئاسة الجمهوريّة”.
وتمنى جعجع على “كل فريق من أفرقاء المعارضة ان يقوم بحسم موقفه في الإنتخابات الرئاسية باعتبار أن الخارطة أصبحت معلومة وبالتالي من يريد اتمام هذا الإستحقاق بات معلوماً ماذا عليه أن يفعل”.
ورداً على سؤال، رأى جعجع أنه “سيتأمن النصاب في جلسة الغد في دورتها الأولى، لأن الخوف لا يعتري الفريق الآخر من إمكانية حصول النائب ميشال معوض على أكثر من 86 صوتاً كي يتمكن من الفوز في انتخابات رئاسة الجمهورية من الدورة الأولى، لذا سيلجأون إلى تعطيل النصاب في الدورة الثانية، لأنه عندها سيتخوف هذا الفريق من أن ينال معوّض بشكل من الأشكال 65 صوتاً وبالتالي يفوز بالإنتخابات”.
أما بالنسبة لما حكي عن رابط ما بين الترسيم البحري والإستحقاق الرئاسي وإمكانيّة توظيف هذا الإمر في الإنتخابات، قال: “بالمبدأ ليس هناك أي رابط ما بين الأمرين، إلا أن البعض يحاول استثمار هذا الموضوع وتحديداً النائب جبران باسيل لكي يصوّر وكأنه منفرداً قام ببطولة “طويلة عريضة” لإنجاز هذا الترسيم، وبالطبع هذا الإستثمار ليس في مكانه أبداً ويجافي كل الوقائع التي نعرفها، فترسيم حدودنا البحريّة موضوع على طاولة البحث منذ قرابة الـ12 عاماً وعملت على اتمامه حكومات وادارات عدّة وعدد كبير من الأشخاص حتى وصلنا إلى ما وصلنا إليه اليوم. كما اننا ندرك ايضاً أنه من الناحية الأخرى، أن الولايات المتحدة الأميركيّة وفي ما بعد بعض الدول الأوروبيّة قد وضعت ثقلها كاملاً لإتمام هذا الترسيم انطلاقاً من المعطيات العامة التي لديها حيز كبير من الأهميّة بالنسبة لهذه الدول”.
وشدد على انه “لا يمكن لأي شخص أن يعتبر أنه هو من أنجز الترسيم البحري، لأن هذا مناف للحقيقة باعتبار أن الضغط الأميركي – الأوروبي – الدولي خلال السنة الماضية هو السبب في اتمام هذا الإتفاق، انطلاقاً من وضع الطاقة بشكل عام في العالم ككل”.
وقال: “لكل من يحاول استثمار ترسيم الحدود في معركته الرئاسيّة، وتحديداً النائب باسيل، أقول: أولاً، إن الترسيم أتى متأخراً وكان من المفترض أن يتم منذ قرابة العشر أو التسع أو الثماني سنوات، ونحن متأخرون جداً، فعلى سبيل المثال سيبدأ الضخ من حقل “كاريش” ما بين يوم وآخر، فيما نحن لم نبدأ بعد بمرحلة التنقيب التي إذا ما بدأنا بها غداً، الأمر الذي هو مستحيل، فنحن بحاجة لخمس، ست، سبع أو ثماني سنوات لكي نبدأ باستخراج النفط. ثانياً، من الطبيعي أن يقوم من يستلمون الوزارات بأداء واجباتهم. وثالثاً، هذا الإتفاق ليس بالإنجاز الباهر في ظل اللغط الكبير حول ترسيم الحدود بالشكل الذي تم به، فهناك من يدعون حتى يومنا هذا أن خط لبنان هو الخط 29 ويتساءلون لماذا تم الترسيم تبعاً للخط 23، وهناك آخرون يقولون إنه ما بعد كل “المراجل والبهورات والمسارات” انتهت الأمور بأن نأخذ جزءاً من حقل “قانا” فيما يذهب القسم الآخر، ولو بشكل متعرّج وملتو، إلى اسرائيل، لذا بالمحصلة نجد أن اتفاق الترسيم هذا ليس بالإنجاز الباهر بالرغم من أنه بتقييمي الشخصي الإتفاق دائماً ما يكون أفضل من اللااتفاق”.
اضاف: “إذا أردنا أن ننسب اتفاق الترسيم البحري لطرف محدد في السنة الأخيرة فهو الطرف الأميركي – الأوروبي – الدولي بشكل عام. وإذا ما كان النائب جبران باسيل يحاول أن ينسب له شخصياً هذا الإنجاز، على ما هو عليه، فهنا أود أن أذكّره بما للشعب اللبناني منه، أي أن وزارة الطاقة في عهدته أو عهدة أشخاص تابعة له منذ ما يقارب الـ12 عاماً، وفي أقل تقدير بحسب جميع الخبراء فإن الهدر الذي حصل في وزارة الطاقة خلال هذه الفترة يناهز الـ30 مليار دولار، أما بحسب التقديرات العليا فهو قرابة 45 مليار دولار، فيما التنقيب عند حدودنا البحريّة الجنوبيّة في أحسن الأحوال من الممكن ان يدر على البلاد أموالاً تتراوح قيمتها ما بين 10 و15 مليار دولار، وبالتالي كل هذا الإدعاء ليس في مكانه كما ان استثمار ترسيم حدودنا البحريّة الجنوبيّة ليس في مكانه أيضاً، لا بل هذا تزوير للوقائع، ومن الأفضل لمن يريد خوض انتخابات رئاسة الجمهوريّة أن يقدّم نفسه لتبؤ هذا المنصب انطلاقاً من أمور حققها هو وليس آخرون”.
ورداً على سؤال حول “تسويق حزب الله لمسألة أن بقاء سلاحه هو لحماية اتفاقيّة ترسيم الحدود البحريّة وضمان استخراج النفظ والتزام اسرائيل ببنود هذا الاتفاق”، قال جعجع: “إذا ما أردت الإختصار في الرد على هذا الأمر، هناك شخصيّة يحكى عنها في الأدبيات الفرنسيّة ويطلق عليها اسم ” Pompier Pyromane”، أي هو الشخص الذي يقوم بإشعال حريق ومن ثم يهرع لإطفائه، وذلك سعياً لأخذ الفضل في إطفائه، يقول حزب الله ان سلاحه ضرورة من أجل حماية اتفاقية ترسيم الحدود، ولكن السؤال هنا، من يهدد اتفاق ترسيم الحدود؟ ثم يدعي أنه من أجل حماية تطبيق الإتفاقية، فيما الواقع أن هذه إتفاقيّة دوليّة ببنود واضحة، فمن سيخالف هذه البنود وأين المؤشر بوجود نية للقيام بذلك؟ عدا عن أنه في هذه الحالة هناك دولة ضامنة لتطبيق الإتفاق وهي الولايات المتحدة الأميركيّة، كما ان هناك محاكم دوليّة تبت في هذه الأمور، وهنا أود أن أذكر أن منطقة طابا الإستراتيجيّة (تتبع محافظة جنوب سيناء) لم تستردها جمهوريّة مصر العربيّة بالحرب وإنما بالتحكيم الدولي، وبالتالي آسف جداً أنه بالرغم من أوضاعنا السيئة يستمر حزب الله وجماعته بممارسة الغش على قاعدته الشعبيّة لوضعها في أجواء بعيدة من الواقع وأخذها إلى مكان آخر لينسيها المأساة التي تعيشها كفقدان الخبز أو البنزين من الأسواق أو الظروف المعيشيّة القاسية او الكهرباء المقطوعة التي أشرف على الوزارة المسؤول عنها حليف الحزب منذ 12 عاماً حتى اليوم، هذا الحليف الذي يتمسكون به وهم من يعطونه القوّة التي لا تزال لديه، وبالتالي كل ما نشهده ليس سوى اختراع “للخبريات” التي لا أساس لها في الوجود على أرض الواقع، وهو مجرّد أخبار للإستهلاك المحلي لا أكثر ولا أقل”.
ورداً على سؤال عن سبب عدم انعكاس اتفاق الترسيم البحري على سعر الدولار في السوق السوداء باعتبار أنه من المفترض أنه أصبح هناك أمل في الأفق، قال: “بكل بساطة، طالما أن المنظومة الحاكمة التي قوامها حزب الله والتيار الوطني الحر وحلفاؤهما، وهذه هي المنظومة الفعليّة وليس تلك التي يتداولها بعض الصحافيين عبر شعارات “كلن يعني كلن” ويخلطون شعبان برمضان وبتجهيل الفاعل الحقيقي، طالما أن المنظومة الفعليّة لا يزال لديها الكلمة أو الكلمة الأكبر داخل الدولة لا تتوقعوا أمراً جيداً واحداً في لبنان، وأقول هذا الكلام بشكل مسؤول، ليس بترسيم الحدود الجنوبيّة فقط وإنما إذا ما تم ترسيم الحدود الشماليّة والغربيّة والشرقيّة وإذا ما وجدنا النفط على البر وليس فقط في البحر، لا تتوقعوا تحسن الوضع في لبنان طالما حزب الله والتيار الوطني الحر وحلفاءهما لديهم الكلمة الأكبر داخل الدولة اللبنانيّة ولسبب بسيط جداً وهم أنهم بطبيعتهم و”بقماشتهم” هذا ما يجيدون فعله، وهو ما قاموا به منذ 10 سنوات حتى اليوم، هذا ليس في إطار التنبؤ وإنما انطلاقاً من التجربة فلبنان كان يتمتع ثروة نفطيّة نقديّة ما بين الـ2010 والـ2011 وكانت تبلغ قيمتها 60 مليار دولار من المدخرات في مصرف لبنان، إلا أنهم قضوا على هذه الثورة خلال 6 أو 7 سنوات لا بل رتبوا علينا ديوناً إضافيّة ولم نعد نملك فلساً واحداً لدعم الخبز في البلاد، ولو انجزت 200 اتفاقيّة لترسيم الحدود، واكتشف 300 بئر للنفط، لا تعتقدن أن هذه الأمور من الممكن أن تعود بالفائدة على وضعنا الحالي، باعتبار أن جل ما يمكن أن تقوم به في هذا الإطار هو تأجيل الأزمة بضع سنوات لأن هذه المنظومة تحديداً حين يبدأ استخراج النفط ستقوم جرياً على العادة بصرف الأموال بدلاً من وضعها في صندوق سيادي للأجيال اللاحقة الأمر الذي سيؤجل الأزمة لسنة أو سنتين أو ثلاث لنعد بعدها إلى الوضعيّة التي نتخبط بها اليوم”.
أضاف: “من هنا، لا أستغرب أبداً أن اتفاقيّة ترسيم الحدود لم تنعكس ايجاباً على سعر صرف الدولار، وأنا في الأساس لم أتوقع ذلك، لأن الإنفراجات الداخليّة تتطلب تغييراً في المنظومة الحاكمة وقبل القيام بذلك لا تتوقعن أي انفراج حتى لو اكتشفنا عشرة آلاف منجم ذهب في لبنان”.
وحمّل جعجع النواب “مسؤوليّة كبيرة جدا لإنتخاب رئيس للجمهوريّة ضمن المهلة الدستوريّة على أن يكون هذا الرئيس إنقاذياً لا أبو ملحم، أو رئيسا لا يقوم بشيء أو لا يعرف أساساً القيام بأي أمر أو يساير في جميع الإتجاهات الأمر الذي يتركنا من دون تنفيذ الإصلاحات ومن دون دولة فعليّة قرارها في يدها”.
ورداً على سؤال في ذكرى اغتيال اللواء الشهيد وسام الحسن عما إذا كانت المعركة مستمرة، أكد جعجع أن “المعركة لا تزال مستمرّة ولو بأشكال وأسماء مختلفة، فاللواء وسام الحسن لم يستشهد لأن اسمه وسام الحسن وإنما لأنه كان يؤدي دوراً كبيراً في ما يتعلّق بقيام دولة فعليّة في لبنان، وهو في البال ويجب دائماً أن نحيي ذكراه لأن ذكرى الأبطال يجب ألا تموت خصوصاً من استشهدوا من أجلنا من أجل لبنان”.